شخصيات إسلامية : أبو عبيدة بن الجراح – الحلقة الثالثة

شخصيات إسلامية : أبو عبيدة بن الجراح – الحلقة الثالثة
أبو عبيدة بن الجراح - الحلقة الثالثة

تحرك خالد بن الوليد السريع من العراق إلى الشام

وكان خالد بن الوليد عندما وصله أمر الخليفة بترك العراق، والإسراع بنصف جيش العراق إلى الشام في الحيرة، وكان قد أنشأ لنفسه موقعا ثابتا موطد الأركان نسبيا في غربي نهر الفرات، لكنه لم يكن ينطوى منذُ البداية على الرغبة في فتح إقليم لنفسه.
والإستقرار فيه فإستجاب على الفور لأمر الخليفة ابي بكر، من واقع كونه تحديا لكفاءته العسكرية، وإصطحب خالد معه إلى الشام تسعة آلاف مقاتل، وهم الذين كانوا قد قدموا معه يوم جاء إلى العراق وترك ثمانية آلاف مقاتل، بقيادة المثنى بن حارثة الشيباني.

وهم الذين كانوا معه في العراق قبل مجيئه وخرج خالد بن الوليد من الحيرة في يوم 8 صفر عام 13 هجرية الموافق يوم 14 أبريل عام 634م وأرسل رسالةً عامةً إلى المسلمين في الشام، يخبرهم بأمر الخليفة بنجدتهم.

ورسالة خاصة إلى أبي عبيدة يخبره بأمر الخليفة تعيينه قائدا عاما لجيوش المسلمين في هذه البلاد وإخترق الصحراء التي تفصل العراق عن الشام في ثمانية أيام وقيل خمسة أيام في طريق وعرة لم يسلكها أحد قبله وهي طريق قراقر عين التمر سوى أرك تدمر القريتين الغوطة بصرى.

ويتميز هذا الطريق بأنَه خال من قلاع الفرس والروم ومسالحهم، ويصل بسالكه إلى بصرى دون أن يتعرض لهجمات العدو، وإجتهد خالد حين أشرف على الشام، وأراد قبل أن يتوغل فيها، ألا يترك خلفه مواقع قائمة للبيزنطيين أو لحلفائهم من العرب، فصالح أهل المصيخ وبهراء، وأرك بعد أن إصطدم بهم وضرب الحصار حول تدمر، والتي كانت من المراكز العسكرية المحصنة، فحاصرها المسلمون من كل جانب.

وقد تحصن بها أهلها فهددهم خالد، وقد أصر على فتحها، ويبدو أنهم كانوا قد أدركوا حرج موقفهم في ظل غياب الدعم البيزنطي، فمالوا إلى طلب الصلح وفتحوا أبواب مدينتهم للمسلمين. وواصل المسلمون سيرهم حتى وصلوا إلى القريتين، فإعترضهم أهلها وجرى إشتباك بين الطرفين، أسفر عن إنتصار المسلمين، ثم مروا بحوارين فتحصن أهلها وراء أسوارها، وطلبوا مساعدة عاجلة من المدن والقرى المجاورة.

فجاءهم جيشان الأول من بعلبك والثاني من بصرى، يبلغ عددهما أكثر من أربعة آلاف مقاتل، لكن المسلمين إصطدموا بهما قبل أن يصلا، وشتتوهما فإضطَّر أهالي حوارين إلى قُبول الصلح، وتوجه المسلمون بعد حوارين بإتجاه الجنوب قاصدين غوطة دمشق، فإعترضهم الغساسنة بقيادة الحارث بن الأيهم، وجرى إشتباك بين الطرفين أسفر عن إنتصار المسلمين .

وتراجع الغساسنة إلى حصون دمشق، وواصل المسلمون تقدمهم حتى بلغوا الثنية ووقفوا على التل المعروف بهذا الإسم، ونشروا عليه الراية السوداء، المسماة بالعقاب وهي رايةُ النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وأغاروا على بعض قرى الغوطة، وعسكروا أمام الباب الشرقي لدمشق، على دير صليبا وفي رواية أن خالدا عسكر على باب الجابية الغربي، وأجرى مباحثات مع أُسقف المدينة.

وعامل هرقل منصور بن سرجون أسفرت عن معاهدة صلح وكتب خالد كتابا لأهل المدينة يتعهد لهم بأنه لو دخلها لن يتعرض لهم أحد في أنفسهم وأموالهم وكنائسهم وأن لا تسكن دورهم طالما أعطوا الجزية ومن الواضح أن دمشق لم تكن هدف خالد في هذه المرحلة إنما أراد فقط أن يحمي مؤخرة جيشه عندما يستأنف الزحف بإتجاه الجنوب .

أبو عبيدة بن الجراح
أبو عبيدة بن الجراح (فتح بصري)

وصول خالد بن الوليد إلى الشام وفتح بصرى

وكان أبو عبيدة بن الجراح رضي االله عنه الذى كان يعد القائد العام لجیش المسلمین فـي بلاد الشام، قبل وصول خالد بن الوليد، قد وجه شرحبيل بن حسنة في أربعة آلاف مجاهد إلى بصرى، وإذا بالمدینة تفاجأ بقدوم شرحبیل بجيشه وعسـكره، وكان على بصرى بطریق عظیم الشأن والقدر عند الإمبراطور الرومي، وعامة الروم إسمه رومانس.

وكان یجتمع إلیه الروم من أقصى بلادهم، یستمعون إلى ألفاظ حكمته ومواعظه، فهرع الناس إليه يسألونه الحل والمخرج لهذا المأزق، فخرج البطریق یسأل قائد جیش المسـلمین عـن مهمتهم، وغرض قدومهم، وبعد محاورة طویلة بینهما، أیقن البطریق أن الإسلام حق وأن نبیه صلى االله علیه وسلم هو الذى بشرت به كتبهم.

ونصح قومه بأن یؤدوا الجزیة، ویصرفوا المسلمین عـنهم، وأخفى إسلامه خشیة أن یتمردوا علیه، ویقتلوه، وفعلا غضبوا علیه, وهموا بقتله فقال لهم مستدركا كلامهم، وأراد أن یهدئهم لاتعجلوا یاقوم إنما أردت أن أختبركم وأرى مبلغ حمیتكم لدینكم، والآن دونكم والقوم، وأنا فـي مقدمتكم، فإستعد الروم وجمعـوا جمعهم، وتجهزوا للمنازلة فلما رأى شـرحبیل رضي الله عنه، ذلك وقف في الجیش خطیبا یذكرهم بمعاني الجهاد، وفضل الإستشهاد لتكون كلمة الله هي العلیا وكلمة الذین كفروا السفلى.

حيث قال لهم “أیها المسلمون إعلموا رحمكم االله أن رسول االله صلى االله علیه وسلم قال الجنة تحت ظلال السـیوف وأحب ماقرب إلي االله قطرة دم في سبیل االله أو دمعة جرت في جوف اللیل من خشیة االله تعالى یا أیها الذین آمنوا إتقوا االله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون” ثم حمل المسلمون على جیش بصرى، حملتهم وإلتحم الجیشان.

ولم یزل القتال محتدما بينهما إلى أن توسطت الشمس في قبة الفلك، وكاد العدو أن ينال من المسلمين، وأن يبدد جمعهم فرفع شرحبيل رضي الله عنه یدیه، یدعو االله بحرارة وصدق، ويقول “یا حي یا قیوم یا بدیع السماوات والأرض یا ذا الجلال والإكرام اللهم إنك تعلم أننا جئنا إلى هذا المكان لننصر دینك ووعدك الحق فإنصرنا على القوم الكافرین” وما أن أكمل شرحبيل رضي االله عنه دعاءه، حتى جاء النصر المؤزر من عند االله العزیز الحكیم.

حيث شوهدت غبرة قـد أشرفت خلف جيش المسلمين من عند حوران، فلما إقتربت منه فإذا تحتها جيش على مقدمته فارسان أحدهما ينادى ويصيح يا شرحبیل یا إبن حسنة أبشر بنصر االله، أنا خالد بن الولید، والآخر یصیح وأنا عبد الرحمن بن أبي بكر الصدیق، فتعانق الجیشان وإشتبكا في قتال شدید، ولما هدأت المعركة تسلم خالد بن الوليد رضي الله عنه، قیادة جيش بصرى فأمر الجیش بالراحة، إستعدادا للمنازلة في الیوم التالي.

وما أن طلع الفجر إلا وتحركت جموع الروم، وزحفت على المسلمین، وإستعد لها المسلمون، وأخذوا أهبتهم للحرب فجعل خالد رضي الله عنه، ینظم الجیش بسرعة فائقة، وبقي هو في القلب یعظ الناس، ویوصیهم بالثبات فلما نظر جیش بصرى تنظیم جیش المسلمین، دب فـي صفوفهم الرعب وتلاقى الفریقان وإشتبكا وحمل المسلمون حملتهم وإرتفعت أصواتهم بالتهلیل والتكبیر.

فلم یكن للروم من ثبات مع المسلمین فولوا الأدبار، وركنوا إلى الفرار، وتراجعوا الى مدینتهم بصرى، فدخلوها وتحصنوا بأسوارها، وأحكموا غلق أبوابها، فشدد المسلمون الحصار علیها، وفي أثناء ذلك إستطاع البطریق رومانس، أن یفلت من قومه، ویأتي خالدا لكي یعلن إسلامه، وینضم إلى صفوف المسلمین، ویعینهم على فتح أبواب المدینة، وإقتحامها.

وبذلك إنتهت المعركة بإستسلام الروم، وإنتصار المسلمین، وكانت بذلك بصرى أول مدينة فُتحت صلحا في الشام، وأول جزية وقعت في هذا البلد في عهد الخليفة الراشد الأول العظيم، أبي بكر الصديق رضي الله عنه وفقا لرواية البلاذرى .

معركة أجنادين  (أبوعبيدة بن الجراح)
معركة أجنادين
(أبوعبيدة بن الجراح)

معركة أجنادين

وبعد فتح بصرى كانت معركة أجنادين في شهر جمادى الأولى عام 13 هجرية، الموافق شهر يوليو عام 634م، حيث أنه بعد سقوط بصرى، إستنفر هرقل إمبراطور الروم قواته، وأدرك أن الأمر جد لا هزل فيه وأن مستقبل الشام بات في خطر، ما لم يواجه المسلمين بكل ما يملك من قوة، وعتاد حتى تسلم الشام وتعود طيعة تحت إمرته، فحشد العديد من القوات الضخمة، وجهز جيشا ضخما قوامه سبعين ألف مقاتل ووجهه إلى سهل أجنادين إلى الغرب من القدس الشريف.

وإنضم إليه نصارى العرب والشام وشكل خالد بن الوليد جيشه الذى كان قوامه حوالي ثلاثين ألف مقاتل، ونظمه ميمنة وميسرة، وقلب ومؤخرة، فجعل على الميمنة معاذ بن جبل، وعلى الميسرة سعيد بن عامر، وعلى المشاة في القلب أبا عبيدة بن الجراح، وعلى الخيل سعيد بن زيد وأقبل خالد يمر بين الصفوف، لا يستقر في مكان يحرض الجند على القتال ويحثهم على الصبر والثبات ويشد من أزرهم.

وأقام النساء خلف الجيش يبتهلن إلى الله، ويدعونه ويستصرخنه، ويستنزلن نصره، ومعونته ويحمسن الرجال، وتهيأ جيش الروم للقتال، وجعل قادته الرجالة في المقدمة، يليهم الخيل وإصطف الجيش، في كتائب ومد صفوفهم حتى بلغ كل صف نحو ألف مقاتل، وأمر خالد جنوده، بالتقدم حتى يقتربوا من جيش الروم.

وأقبل على كل جمع من جيشه، يقول لهم “إتقوا الله عباد الله قاتلوا في الله من كفر بالله ولا تنكصوا على أعقابكم ولا تهنوا من عدوكم ولكن أقدموا كإقدام الأسد وأنتم أحرار كرام فقد أبيتم الدنيا وإستوجبتم على الله ثواب الآخرة ولا يهولكم ما ترون من كثرتهم فإن الله منزل عليهم رجزه وعقابه”.

وكان خالد بن الوليد يرى تأخير القتال حتى يصلوا الظهر وتهب الرياح، وهي الساعة التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب القتال فيها، ولو أدى ذلك أن يقف مدافعا حتى تحين تلك الساعة، وقال خالد لجنوده عندما تروني أحمل على الروم فإحملوا، وأعجب الروم بكثرتهم وغرتهم قوتهم، وعتادهم فبادروا بالهجوم على الميمنة، حيث يقف معاذ بن جبل رضي الله عنه فثبت المسلمون.

ولم يتزحزح أحد فأعادوا الكرة على الميسرة، حيث سعيد بن عامر رضي الله عنه، فلم تكن أقل ثباتا وصبرا من الميمنة، في تحمل الهجمة الشرسة وردها فعادوا يمطرون المسلمين بنبالهم، فتنادى قادة المسلمين طالبين من خالد أن يأمرهم بالهجوم، حتى لا يظن الروم بالمسلمين ضعفا ووهنا ويعاودون الهجوم عليهم مرة أخرى.

فأقبل خالد على خيل المسلمين وقال “إحملوا رحمكم الله على إسم الله” فحملوا حملة صادقة زلزلت الأرض من تحت أقدام عدوهم، وإنطلق الفرسان والمشاة يمزقون صفوف العدو فإضطربت جموعهم، وإختلت قواهم وفي هذه المعركة، أبلى المسلمون بلاءا حسنا وضربوا أروع الأمثلة في طلب الشهادة، وإظهار روح الجهاد والصبر عند اللقاء.

وبرز في هذا اليوم من جيش المسلمين ضرار بن الأزور الأسدى، أحد أشجع فرسان المسلمين، وكان يوما مشهودا له وبلغ جملة ما قتله من فرسان الروم ثلاثين فارسا، كما قتلت الصحابية الجليلة أم حكيم بنت الحارث بن هشام المخزومية زوجة عكرمة بن أبي جهل رضي الله عنه، أربعة من الروم بعمود خيمتها، وبلغ قتلى الروم في هذه المعركة أعدادا هائلة تجاوزت الآلاف، وإستشهد من المسلمين 450 شهيدا.

وبعد أن إنقشع غبار المعركة وتحقق النصر، أرسل خالد بن الوليد رضي الله عنه، برسالة إلى الخليفة أبي بكر الصديق، يبشره بالنصر، وما أفاء الله عليهم من الظفر والغنيمة، جاء فيها “أما بعد فإني أخبرك أيها الصديق إنا إلتقينا نحن والمشركين وقد جمعوا لنا جموعا جمة كثيرة بأجنادين وقد رفعوا صلبهم ونشروا كتبهم وتقاسموا بالله لا يفرون حتى يفنون أو يخرجونا من بلادهم، فخرجنا إليهم واثقين بالله، متوكلين على الله فطاعناهم بالرماح، ثم صرنا إلى السيوف فقارعناهم في كل فج فأحمد الله على إعزاز دينه وإذلال عدوه وحسن الصنيع لأوليائه”.

فلما قرأ الخليفة أبو بكر الصديق رضي الله عنه الرسالة فرح بها وقال الحمد لله الذى نصر المسلمين وأقر عيني بذلك وكانت هذه المعركة أول لقاء كبير بين جيوش الخلافة الراشدة والروم البيزنطيين في تاريخ الصراع على الشام.

أبوعبيدة بن الجراح (معركة اليرموك)
أبوعبيدة بن الجراح (معركة اليرموك)


معركة اليرموك وتولى خالد قيادة جيوش المسلمين بالشام



وأمام هزيمة الروم في أجنادين حشد هرقل جيشا ضخما، يضم مائة وعشرين ألفا من الجنود من مختلف الولايات البيزنطية، منهم فرقة من العرب المسيحيين، تقدر بإثني عشر ألفا من الغساسنة، ولخم وجذام، بقيادة جبلة بن الأَيهم، وفرقة من أرمينية، تضم أيضا إثني عشر ألفا بقيادة جرجة بن توذار، وكتب إلى روما عاصمة الإمبراطورية الرومانية الغربية، يطلب نجدة عاجلة تساعده على التخلص من موقفه العصيب.

وكان ذلك في الواقع رغبةً منه في تحقيق إنتصار على المسلمين، يعيد إليه هيبته وإلى الإمبراطورية مكانتها، وإجلاء أعدائها عن الشام، وإستردادها ونزل الروم بين دير أيوب واليرموك، وكانوا بقيادة تذارق شقيق هرقل، يساعده القائد الأرمني ماهان.وعلم المسلمون بواسطة العيون التي بثوها بين البيزنطيين، بهذا الحشد الضخم فتحرك جيش المسلمين، والذى كان منقسما إلى أربعة ألوية إلى اليرموك.

فوجدوا البيزنطيين قد سبقوهم إليه فنزلوا عليهم بحذائهم، وعلى طريقهم إذ ليس للبيزنطيين طريق إلا عليهم، وبلغت قوة المسلمين ما بين 36 ألفا إلى 40 ألفا، وعندما تواجه الجمعان في سهل فسيح شمال اليرموك، يعرف بالواقوصة، أدرك قائد المسلمين خالد بن الوليد رضي الله عنه.

أهمية هذه المعركة الفاصلة، في حروب الشام وأظهر حنكة، ومهارة عسكريةً عبر محاولته توحيد الألوية الأربعة تحت قيادة واحدة، فخطب في الأُمراء داعيا إياهم إلى توحيد إمارة الجيش، تحت قيادته لأن هذه المعركة، إما أنها ستفتح على المسلمين أبواب الشام على مصراعيها أو لن يفلحوا بعدها أبدا إن هزموا لا قدر الله.

وهكذا ولى أُمراء الألوية الأربعة عليهم خالد بن الوليد في ذلك اليوم وهم يتوقعون أن المعركة ستستمر عدة أيام، فقسم خالد الجيش إلي ميمنة، جعل عليها عمرو بن العاص، وميسرة جعل عليها يزيد بن أبي سفيان، وشرحبيل بن حسنة.

أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه
أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه

وقلب جعل عليه أبا عبيدة بن الجراح،وتولى هو قيادة الفرسان مع ضرار بن الأزور وقسم كل قسم إلى كراديس أى كتائب كل كتيبة ألف مقاتل وعلى أن تنقسم كل منها أيضا إلى ميمنة، وميسرة وقلب وجعل على كل كردوس أمير، من أهل بدر أو من أمهر فرسان المسلمين، فكان من أمراء الكراديس الزبير بن العوام، وعياض بن غنم وعكرمة بن أبي جهل، وخالد بن سعيد بن العاص، وسهيل بن عمرو وعبد الرحمن بن خالد بن الوليد، وصفوان بن أمية رضي الله عنهم جميعا، وباشر المسلمون القتال.

وكان ذلك في شهر رجب عام 13 هجرية، الموافق شهر سبتمبر عام 634م، عندما أمر قائد الجيش خالد بن الوليد، مجنبتا قلب الجيش بقيادة عكرمة بن أبي جهل، والقعقاع بن عمرو التميمي بالهجوم، فإخترق الزبير بن العوام، صفوف الروم مرتين، وإستمر القتال بين الجيشين لمدة ستة أيام، وإستطاع المسلمون الصمود، أمام جيش الروم، الذى تفوق أعداده عدد جيش المسلمين بثلاثة أضعاف على الأقل.

وبرزت العديد من البطولات أثناء المعركة منها عندما نادى عكرمة بن أبي جهل رضي الله عنه، من يبايع على الموت فلحق به عمه الحارث بن هشام وضرار بن الأزور في أربعمائة من الجنود المسلمين، يقاتلون حتى الموت فقتل معظمهم، وكان أيضا من أحداث هذه المعركة، إنضمام القائد الأرمني جرجة لجيش المسلمين، معلنا إسلامه وقاتل في صفوف المسلمين، وإستشهد في المعركة وفي اليوم السادس للقتال، تراجع الروم بعد أن خسروا أعدادا كبيرة من جنودهم ما بين قتيل وجريح، فزحف خالد بقلب الجيش مخترقا صفوف البيزنطيين، ففرت الخيالة منهم تاركين المشاة أمام الجيش الإسلامي.

وإقتحم خالد عليهم خندقهم فتراجع الروم تحت جنح الظلام إلى سهل الواقوصة، حيثُ أمعن المسلمون فيهم، قتلا حتى هزموا وقتل من الروم في هذه المعركة حوالي الستين ألفا.

وقدرت خسائر المسلمين بعدد ثلاثة آلاف شهيد، منهم عدد من الصحابة الكرام مثل عكرمة بن أبي جهل بن هشام، وإبنه عمرو، وهشام بن العاص، وعمرو بن سعيد بن العاص، وسلمة بن هشام بن المغيرة، وعمرو بن الطفيل رضي الله عنهم جميعا، وإنحاز جبلة بن الأَيهم ومن معه من العرب المسيحيين إلى بني قومهم العرب المسلمين، ثم أظهر الإسلام هو وجماعةٌ، من قومه الغساسنة.

وكانت هذه المعركة من المعارك الحاسمة في الصراع الإسلامي. البيزنطي إذ أنها فتحت أمام المسلمين باب الإنتصارات المتتالية في هذه البلاد، ووضعت حدا لآمال هرقل في إنقاذها بعد أن قضى المسلمون على قواته الأساسية التي جمعها بصعوبة بالغة من جميع أنحاء إمبراطوريته .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب وأي نسخ أو تعديل أو تضمين للمقال يتم من خلال الكاتب / أ. طارق بدراوي .

انتظرونا في الحلقات القادمة مع أحداث جديدة من حياة الصحابي الجليل أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه من سلسلة الشخصيات الإسلامية العظيمة، نتعرف معا عن قرب عليها ونلقي الضوء على جوانب حياتية ومعلومات قيمة لا يعرفها الكثيرون فتابعونا ،،

 

شارك الخبر

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *