قصة سيدنا عيسى ومعجزاته

قصة سيدنا عيسى ومعجزاته

من هو سيدنا عيسى عليه السلام؟ هو واحد من أنبياء الله ومن أحفاد داود عليه السلام، واسمه عيسى بن مريم؛ لأنه ولد من دون أب أما اسم عائلته فقد كان آل عمران.

1. معجزة الحمل والميلاد

تأخرت مريم ابنة عمران عن صاحباتها يوما, فلما ذهبت تملأ جرّتها من الينبوع وجدت نفسها وحيدة, وأحست وحشة ورهبة, واضطرب جسمها فجأة, فشعرت بالخوف, وأقبلت على الماء مسرعة تردد أدعية الصلاة, واذا شاب قوي, وسيم الطلعة, جميل الهيئة, ينظر اليها كأنما خرج من الأرض.

خافت مريم, وأصابها الذعر, وتوقعت شرا ينزل بها فقالت:{ اني أعود بالرحمن منك ان كنت تقيّا}. مريم 18.

ذلك الشاب الجميل كان جبريل عليه السلام, فلما رأى جبريل عليه السلام انزعاجها قال لها:

{انما أنا رسول ربك اليك لأهب لك غلاما زكيا}. مريم 19.

احتارت مريم في أمره, وخافت أن يكون بشرا أراد بها سوءا, وأرادت الهرب, فهبط عليها الهام من من الله عز وجل, واذا هي واقفة بثبات واطمئنان, ثم رأت صفا من الملائكة عن يمينها, وصفا عن شمالها, فهدأت نفسها, وذهب خوفها.

قالت الملائكة:{ يا مريم ان الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقرّبين} آل عمران 45.

قالت مريم متوجهة الى الله عز وجل:

{ رب أنّى يكون لي ولد ولم يمسسني بشر} آل عمران47.

قال جبريل عليه السلام:

{ كذلك الله يخلق ما يشاء, اذا قضى أمرا فانما يقول له كن فيكون}.

تلقت مريم هذا النبأ العظيم بخوف وفرح, ان الملائكة تبشرها بولد يكون نورا وهدى للناس, ورسولا الى بني اسرائيل, يا له من شرف عظيم.

رفعت مريم رضوان الله عليها رأسها أمام جبريل عليه السلام وقالت: هأنذا أمة الله. ليكن ما يريد الله.

تقدّم جبريل عليه السلام, ونفخ في جيبها, ثم اختفى عنها مع الملائكة بعد أن وهبها وديعة القدّوس الأعلى.

أحيطت مريم العذراء بسر هائل, لم تعهده امرأة سواها من قبل فالجنين يتحرّك في بطنها, وأمرها صائر الى الفضيحة, وهي العذراء الصالحة التي عاشت عمرها طاهرة نقيّة.

لم تطق مريم البقاء بحالتها هذه في الناصرة, فأسرعت بالعودة الى جبال حبرون, لتكشف سرّها الى مثلها, تثق فيها, وتطمئن اليها, وتلاقت مريم مع خالتها “أليصابات” فألقت اليها بسرّها الرهيب و”أليصابات” خالة مريم وامرأة زكريا عليه السلام.

كانت أليصابات زوجة زكريا قد حملت هي أيضا, بعد أن استجاب الله لدعاء زوجها, فروت كل منهما قصتها وتحدّثتا بغرابة حملهما, وكانت “أليصابات” العجوز قد حملت بيحيى عليه السلام, ومكثت مريم وخالتها أليصابات معا ثلاثة أشهر في هذا البيت الهادئ على سفح الجبل وقد سمعت مريم وأليصابات وهما نائمتان على سرير واحد نداء سماويا ألهمهما أن الطفل عيسى ويحيى سيشتركان معا في اتمام القصد الالهي, ونزل هذا الخبر على قلبيهما بردا وسلاما.

وعادت العذراء المباركة الى الناصرة, وهي الفتاة الباسمة المشرقة, فقد أصبحت تعيش في عالم جديد أكثر اتصالا بالله, تفكر طويلا بفرح ممزوج بالخوف.

انتفخ بطنها, وبدأت تفطن الى الريبة التي تخامر قلوب المحيطين بها, فكانت تفكر في ذلك طويلا, وأخيرا استقرّ عزمها على أن تكشف سرّها الى ابن عمّها يوسف النجار, وكان أشد الناس برّا بها وحرصا عليها, فأرسلت له وألقت اليه بسرها الذي كان حملا ثقيلا عليها.

وقع هذا الخبر على يوسف, وقوع الصاعقة, فشك في أمرها, وهو أعلم الناس بعفتها وطهارتها, وعاد الى منزله, وأوى الى فراشه شارد الفكر مضطرب الفؤاد, فطار النوم من عينيه, وعصر الحزن قلبه.

وفي هدوء الليل هبط الوحي الالهي على ذلك الرجل المعذب والقلب الجريح, وأنبأه الحقيقة العظمى, فقام من نومه, وقد آمن بحقيقة مريم العذراء, وأسرع اليها في منزل عمتها ليعتذر لها عن ريبته وشكه فيها, ثم عرض عليها أن يضمها في بيته ليستر أمرها, ويحظى بشرف رعايتها كما يرعى الزوج زوجته.

أذعنت مريم لالحاح عمتها فقبلت هذا العرض وذهبت الى بيت يوسف, فأتمّت فيه مدّة الحمل.

لما صارت في الشهر التاسع, ورأى يوسف سوء حالتها, أشفق عليها, وبذل المستحيل ليخفي أمرها, ويمنع سوء القالة عنها, فقرّر السفر بها لتضع مولودها, بعيدة عن الناصرة وأهلها.

 

2. الطريق الى بيت لحم

أمر القيصر, وهو ملك بلاد الشام في ذلك الوقت, أمر بحصر عدد السكان, وكتابة أسمائهم في سجلات, وهدّد كل من يتخلف عن تدوين اسمه, وأسماء عائلته بالعقاب الشديد.

فسافر الناس من الشمال والجنوب الى القدس, لتدوين أسمائهم, فكنت ترى الطريق مزدحمة بالمسافرين.

مالت الشمس الى الغرب, واذا وقعت العين على ركب المسافرين, الذين جاؤوا من بلاد الجليل في الشمال وقد بدا عليهم أثر التعب, وأضناهم السفر الطويل تجد من بين هؤلاء المسافرين فتاة قروية هي مريم العذراء على دابة وقد أمسك بمقودها رجل هو يوسف النجار الذي كان يبدي اهتماما عظيما بها.

جاءا معا الى القدس, ليقيّدا اسميهما في سجلات المحاكم, ولعلهما أرادا الاختفاء عن قومها خشية الفضيحة, وقت الولادة.

اقترب الركب المبارك من “بيت لحم” وهي مدينة فلسطينية, وشعرت مريم بمقدمات الوضع, فمال يوسف النجار بها الى بيت لحم, وأنزلها بالقرب من كهف كبير, وقد استعمله الرعاة من قديم الزمان مربطا للماشية والأغنام, فجلست مريم بجوار جذع نخلة, وذهب ابن عمها الى القدس, ليستأجر لها مكانا خاليا, وما كان هناك مكان يصلح لراحة حبلى في شهرها الأخير, لكثرة الوافدين على المدينة في هذا الوقت.

فما كان منه الا أن أخذها الى مكان خال بجوار نخلة يمر من تحتها جدول صغير من الماء.

 

3. الميلاد والمعجزة.

 

كانت مريم العذراء وحيدة هناك بجوار النخلة, انها نخلة معمّرة, وأمامها جدول صغير من الماء العذب يسري ماؤه, فقاست مريم حرارة الوحدة وقت الولادة, وأجاءها المخاض الى جذع النخلة, فوضعت ابنها البكر, وقامت الى الجدول وغسلته وقمّطته, ثم اتجهت به الى الكهف, وفي هذا المكان الهادئ نام المسيح نومته الأولى, ودخل الى العالم بهذه الصورة المتواضعة كما يدخل أي مولود عادي من عامة الناس, وقد استقبلته السماء بمظاهر الترحيب والبشر, فشع نور على مهد هذا الوليد المبارك, وكانت أمه بعد هذا المجهود الشاق قد استسلمت لضعف ألمّ بها, فرأت مظاهر الحفاوة والتكريم لهذا المولود, وسمعت ترتيل الملائكة الذين جاؤوا يحفون بالمولود الجديد, يسبّحون ويهللون ويهتفون بالتحية لمولده, وشاهدت هذا النور الذي انبثق من السماء الى الأرض, يعلن لملايين البشر فجر الخلاص من الظلم والاستبداد, وظلام الجهل والضلال.

أفاقت مريم من ضعفها, وعاد اليها نشاطها, فاذا طفلها ينظر اليها نظرة العطف والتساؤل, واذا قلبها مفعم بالذكريات الأليمة, والصور البشعة, واذا هي نهب للتفكير في ساعة لقاء أهلها وذويها.

كيف ترد على التهم التي ستنهال عليها؟! ظلت تفكّر في ذلك كثيرا, فانتابها موجة من الضيق, ونكست رأسها تحاول ابعاد هذه الوساوس عنها. قالت:{ يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيّا} يا الهي؛ أنت عليم بحالي فألهمني الرشاد, وخلصني مما أقاسيه.

كانت مريم حقا في حيرة شديدة, لا تستطيع البقاء بمولودها في هذا المكان بدون طعام, ولا تستطيع أن تعود به الى ذويها في الناصرة, ولا الى أقربائها في بيت لحم, فيرموها بالسوء, ويقذفوها بالتهم أشكالا وألوانا.

أظلمت الدنيا في عينها, وساءت الحياة أمامهما, وبينما هي في غمرة من ذلك سمعت صوتا يناديها:

يا مريم, لاتحزني!! قد جعل ربك تحتك ماء سريّا وهزي اليك بجزع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا فكلي من الرطب, واشربي من الماء, وتوكلي بعد ذلك على الله فهو نعم المولى, ونعم النصير.

سمعا مريم هذا النداء السماوي يتردد على أذنها, فكان بردا وسلاما على قلبها, أعاد اليها الأمن والثقة, وأذهب عنها الخوف والاضطراب فقامت مريم الى الجدول وشربت, وهزت بجذع النخلة وجمعت ما وقع منها من رطب, ثم أقبلت على الطفل وأشرق وجهها بمحياه, فانزاح عنها الكابوس الثقيل, وكانت قد سمعت حديث الناس حول ظهور النجم الأكبر, وتساؤلهم عن آيات ظهور المسيح المنتظر الذي بشرت به التوراة.

وبينما هي كذلك جاء يوسف النجار اليها في لهفة وحسرة, فوجدها في أتم صحة, تغسل الخرق, وتنشرها على أشعة الشمس, وقد حماها الله من كل سوء, فلما نظر اليها يستفسر عن حالها أشارت الى المولود, فأسرع يوسف اليه, ووقف برهة يتأمل ذلك الوجه المشرق الجميل, ونحن نتصور ما يجول في رأس هذا الرجل المؤمن من الأفكار, بعدما رأى من آيات الله, وما سمع من حديث القوم, فنعرف السر فيما فعله بعد ذلك, حينما وهب كل وقته,وبذل كل جهده لرعاية هذا الوليد الخارق لناموس الحياة وأمه السيّدة العذراء.

ونتصوره أيضا يعود الى مريم, وقد نكّس رأسه هيبة واجلالا ليسألها عملا يؤديه, أو خدمة يقدمها.

حقا!؟ ان يوسف النجار كان رجلاصالحا تقيا نبيلا, كشف الله عن بصيرته, وألهمه الحقيقة والصواب.

ونحن نتصور مريم تقضي مدة النفاس في هذا المكان الخلائي الهادئ, فنجدها هانئة به, وقد راضت نفسها على الاقامة فيه, وكان يوسف النجار يذرع الأرض كل يوم ويقطع طريقها بين الكهف الذي ولد فيه المسيح وبين القدس, حيث يقضي حوائجها, ويشتري لها الخبز والطعام, فاذا عاد من المدينة وجد تمرا كثيرا, جاءت به هذه النخلة التي شبّ عمرها, واخضرّت أوراقها, بعد أن أصابها الكبر ونخرها السوس.

انتهت مدة نفاس مريم العذراء, وحان موعد الرحيل الى المدينة, فعاود مريم القلق, وانتابها الوسواس من جديد.

كان يوسف يحزم الأمتعة استعدادا للرحيل, ومريم غارقة في همومها ودعائها تطلب العون من الله, فسمعت هاتفا يهتف بها:

يا مريم؛ صومي اليوم عن الكلام, فلا تكلمي أحد من الناس, والله يتولاك برعايته.

كان الهاتف بهذا الأمر هو جبريل عليه السلام, فصدعت للأمر, ونذرت الصوم قالت:

{اني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم انسيّا}, مريم 26.

ولما فرغ يوسف النجار من حزم الأمتعة, حملها على دابته ثم نظر الى مريم, ودعاها للركوب, فركبت دون أن تحرك شفتيها بكلمة واحدة.

اتجهت مريم بالطفل الى جبال حبرون, وجاءت به الى قومها تحمله, قالوا:

يا مريم؛ لقد جئت شيئا فريّا, وأمرا منكرا!؟

سكتت مريم ولم تقل شيئا للدفاع عن نفسها, فأيقنوا أنها ارتكبت خطيئة, وقالوا:

{ يا أخت هارون ما كان ابوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيّا} مريم 28.

تكلمي يا مريم ودافعي عن نفسك. كيف جئت بهذا الغلام؟!

كانت مريم صائمة لا تستطيع الكلام, فلما ألحوا عليها وكثر كلامهم وسؤالهم لها, اتخذت قرارا صامتا أصابهم الدهشة الشديدة!!

كانت مريم صائمة عن الكلام, لا تستطيع الكلام, فلما ألحوا عليها وكثر سؤالهم لها: أشارت الى الطفل ليكلموه, انه أمر عجيب, كيف تطلب مريم شيئا خارقا لم نعتد عليه, انها تطلب معجزة, تريد أن يتكلم هذا الطفل الملفوف في قطعة من القماش.

قالوا في دهشة واستغراب:{ كيف نكلم من كان في المهد صبيا}.

كيف نكلم هذا الطفل الذي يكفينا سماع صوت بكائه بصعوبة شديدة من ضعفه وطفولته المبكرة.

لقد ولد منذ أيام قليلة, فهل يعقل انسان هذا الذي تريده مريم, انها تريد المستحيل.

ولكن مريم كانت بحاجة الى معجزة كي يصدقها الناس, اذ كيف يصدق الناس أن طفلا أنجب بغير أب, وفي هذا الأمر اتهام للعرض والشرف, حتى أنهم قالوا ان أمها كانت طاهرة شريفة وأبوها لم يكن يوما من الأيام سيء الخلق حتى تأتي هي بهذا الفعل المشين.

انصرفت مشيئة الله أن يكون الرد معجزة, لأن الاقناع في مثل هذه المواقف يحتاج الى معجزات ومعجزات, والمعجزة والشيء الخارق هنا أن يعتدل الطفل في فراشه ويعرف الناس بنفسه ويدافع عن أمه وما أثير حولها من عبارات الشك والطعن في شرفها وعرضها.

تكلم عيسى المسيح عليه السلام, بعد أن قالوا:{ كيف نكلم من كان في المهد صبيا}.

قال عيسى وهو ملفوف في رباط الأطفال وملفوف بخرق الفراش.. قال:

{ اني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا* وجعلني مباركا أين ما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا* وبرّا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيّا* والسلام عليّ يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا* ذلك عيسى بن مريم قول الحق الذي فيه يمترون} مريم 30-34.

وكان حديثه في المهد معجزة عظيمة.

سيدنا عيسى عليه السلام يكلم قومه وهو في المهد! ماذا قال عيسى -عليه السَّلام- لقومه؟

فسكتت الفتاة الطاهرة مريم ولم تنطق بأي حرف ولكنّ الله لا يترك عباده المتقين من غير سند أو قوة، وأراد الله أن يساعد السيدة مريم ويآنسها، فأجرى الله أمرًا خارقًا للعادة على لسان ابنها عيسى عليه السلام، وإذ بهذا الطِّفل الرَّضيع يتكلم ويخبرهم بأنَّه نبي من الله -سبحانه وتعالى- لهم، فاندهش القوم من عظم هذا الموقف. ولكن لم يتوقف عيسى -عليه السَّلام- عن الكلام، بل استمرَّ بالتَّحدث، فقال لهم إنَّ الله جعله شخصًا مباركًا أينما كان، وعليه أن يقيم الصَّلاة فلا يتكاسل عنها، وأخبرهم بأنَّه سيكون العبد المتواضع والعطوف عليهم؛ لأنه يكره صفة التكبر السيئة. وقال إنَّ الله قد هيأه لقومه حتى يساعد كل مَن يحتاجه ويطلب العون من الفقراء والمساكين وذلك بإعطائهم بعض المال ليكون سندا وعونا لهم على مشاق الحياة، ولكن عيسى -عليه السَّلام- لم ينس نصيب أمه بل أخبر قومه أنه سيكون بارا بأمه التي تحملت الكثير من أجله، وسيكون مطيعا لها لا يعصي لها أمرًا.

دعوة سيدنا عيسى عليه السلام لقومه ما دعوة عيسى إلى قومه؟

لقد كبر عيسى عليه السلام في قومه وأصبح شابا قويا نبيا مخلصا، وبدأ بدعوة قومه إلى الإيمان بالله وحده وترك الكفر والابتعاد عن الشرك، فدائما ما كان يسعى بينهم وهو يدعوهم إلى التوكل على الله سبحانه وتعالى والاعتماد عليه في جميع أمور حياتهم، وكان يقف معهم ليذكرهم بنعم الله -سبحانه وتعالى- عليهم من صحة في الجسم وقوة في البدن. وكان يدعوهم دائمًا إلى التقرب من الله سبحانه وتعالى وذلك بالإكثار من الأعمال الصالحة مثل المحافظة على الصلاة ودفع الصدقات والإكثار من إطعام الفقراء والمساكين، وكل ذلك سيكون سبب بدخولهم الجنة وابتعادهم عن نار جهنم بإذن الله.

ماذا طلب قوم عيسى عليه السلام منه كي يصدقوا دعواه؟

بعد أن دعا عيسى -عليه السلام- قومه إلى الإيمان بالله -سبحانه وتعالى- وحده وعدم الشرك به، جاء إليه بعض الأشخاص من قومه وطلبوا منه طلبا غريبا لم يعرفه أي إنسان من قبل، وهو أن يطلب من الله -سبحانه وتعالى- أن ينزل عليهم مائدة فيها أطيب الطعام من السماء، وأخبروه أنهم لن يؤمنوا بالله -تعالى- ولا يصدقوا بوجوده حتى يأتي لهم بتلك المائدة من السماء. استمع النبي عيسى عليه إلى ذلك الطلب باستغراب شديد، فأجابهم عيسى -عليه السلام- بأنه سيطلب من الله -سبحانه وتعالى- أن ينزل عليهم تلك المائدة من السماء، ولكن عليهم أن يؤمنوا بعد رؤيتها بشكل جازم ولا يشكوا بدعوته أبدًا؛ وذلك لأن الله سيغضب عليهم كثيرًا في حال عدم إيمانهم بعد إجابته لطلبهم وإنزاله المائدة من السماء ورؤيتهم لها.

ماذا فعل قوم عيسى بنبيهم عليه السلام؟

وبعد أن كفر قومه به اتفقوا على أن يتخلصوا منه وذلك بأن يقتلوه، فاجتمعوا حول بيته الذي كان يختبئ به، مع أصحابه وكان هذا المنزل في بيت المقدس، وحينما حل الليل تسللوا حول بيت النبي عيسى عليه السلام، ولكن الله لم يترك عيسى -عليه السلام- لوحده ولم يسلمه لتلك الأيادي الخائنة التي تريد قتله، وأثناء تسلل الكفار إلى بيت النبي عيسى -عليه السَّلام- رفعه الله من نافذة موجودة في سقف البيت إلى السماء. بدأ القوم بالدخول إلى بيت عيسى -عليه السلام- وكان أول رجل دخل إلى البيت، هو ذاك الرجل الذي أخبرهم أنه يعرف أين عيسى -عليه السلام- وسيدلهم عليه، وفي تلك الأثناء عاقب الله هذا الرجل الذي دل الكفار على بيت عيسى -عليه السلام- بأن جعل الله وجهه يشبه وجه النبي عيسى عليه السلام. وعندما لحقه القوم الذين يريدون قتل عيسى -عليه السلام- ودخلوا إلى البيت، رأوه واقفا فظنوا أنه هو النبي عيسى -عليه السلام- وأخذوه وبدؤوا بتعذبيه وبوضع الشوك على رأسه، ومن ثم قتلوه وعلقوه على العمود كي يراه جميع أنصاره مقتول، وفرح اليهود  أنهم قتلوا النبي عيسى -عليه السلام- وهم لا يعلمون أنَّ الله قد نجاه من ظلم أيديهم.

 

 

شارك الخبر

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *