تعد سورة لقمان مرجعاً تربوياً يجب الإقتداء به في تربية أبنائنا حيث إشتملت آياتها العظيمة على مجموعة من القيم التربوية التي يحتذى بها، وجاءت سورة لقمان مشتملة على وصايا لقمان لابنه وهو يعظه، وحملت في طياتها أبلغ القيم التربوية وركائز العقيدة الإسلامية وعلى رأسها عدم الشرك بالله-جلَّ وعلا-ثم توالت وصايا لقمان الحكيم لابنه، بالتوجيه إلى ضرورة مراقبة الله تعالى في السروالعلن ثم الإحسان بالوالدين وبِرّهما؛ ومن بلاغة وعظمة وصايا لقمان نزلت سورة في القرآن الكريم تحمل اسمه تعظيماً لقدره وحكمته وهي “سورة لقمان”؛ تعرف عبر موقع الحكاية وصايا لقمان ال10 لابنه أيقونةتربية الأبناء ومرجع للآباء، ومن هو لقمان الحكيم؟ وماأثر وصايا لقمان في تربية الأبناء تربية سليمة تقوم على الحوار البنّاء الهادف ؟ونستعرض مقتطفات من وصايا لقمان بالشرح الميسر .
وصايا لقمان ال10 لابنه أيقونة تربية الأبناء ومرجع للآباء
جاءت وصايا لقمان لابنه وهو يعظه تنم عن حكمة بالغة وعقل حكيم في حوار دار بين لقمان وابنه أوصاه فيه بالوصايا التالية:
- عدم الشرك بالله- عزوجل .
- الإحسان للوالدين وبِرّهما.
- عدم طاعة الوالدين في الشرك بالله ومصاحبتهما في الدنيا بالمعروف.
- مراقبة الله تعالى.
- الأمر بإقامة الصلاة.
- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
- الصبر على المصاب والقدر.
- النهي عن التكبر والتفاخر.
- الأمر بالتوسط والإعتدال.
- خفض الصوت والتأدب في الحديث.
تعريف بسورة لقمان في القرآن الكريم
سورة لقمان هي سورة جميعها مكية عدا الآيات{29،28،27} فهي مدنية، يأتي ترتيب سورة لقمان في المصحف الشريف رقم 31 ،في الجزء 21 ، وعدد آياتها 34 آية، ابتدئت سورة لقمان بالحروف المتقطعة {الم} وجاءت وصايا لقمان لابنه وهو يعظه بداية من الآية 13 وتوالت الوصايا حتى الآية 19من نفس السورة متضمنة عشر وصايا غالية دار من خلالها حواراً رحيماً قيّماً بين الأب وابنه ابتدئها بالنداء {يابُنيّ} ينم على عاطفة الأب الحنون الحكيم بتوجيه النصيحة لابنه بطريقة لينة سهلة ، يعتبر حوار لقمان مع ابنه في هذه الآيات القرآنية أيقونة تربوية يمكن الإقتداء والاهتداء بها في تربية أبنائنا تربية سليمة ومثمرة.
من هو لقمان ؟ وعاش في أي الأزمنة ؟
لقمان هو رجل حكيم عاش في زمن سيدنا داوود عليه السلام، يقال أنه لقمان بن ياعور ابن أخت أو ابن خالت سيدنا داوود عليه السلام، كماوردت أقاويل عن أن لقمان من بلاد النوبة في مدينة أسوان بمصر.
و لقد تعلم من سيدنا داوود الحكمة والعلم الواسع ، ولقد أنعم الله عز وجل على لقمان بالحكمة وحسن البيان ، فكان فصيحاً لا ينافسه أحداً في الرد لأنه يفكر كثيراً قبل أن ينطق بكلمة، و لقد أشتهر لقمان أيضاً بقصص كثيرة ملئت بالحكم والعبر التي تم الإشارة إليها في القرآن الكريم في أكثر من موضع، لاسيما وصاياه العشر التي وعظ بها ابنه والتي جاءت تنم عن حكمته وبلاغته الشديدة وحسن صحابته لابنه وهو يعظه.
قال عنه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم : { إن لقمان كان عبداً كثير التفكير و كان حَسِن الظن و كذلك فإنه كان كثير الصمت و لقد أحب الله عز وجل فأحبه الله سبحانه و تعالى فمن عليه بالحكمة}.
مقتطفات من وصايا لقمان العشر
جاءت في مقدمة وصايا لقمان العشر لابنه الوصية الأولى في قول الله عزوجل:
{وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} الآية13من سورة لقمان ؛حيث أوصى لقمان ابنه بعدم الشرك بالله تعالى لأن الشرك أكبر ظلم ممكن أن يوقع الإنسان نفسه فيه فبإشراكه لله تعالى يظلم نفسه أولاً لأن الله تعالى غنيٌ عن العالمين.
ثم أسرد لقمان لابنه الوصية الثانية في قول الله تعالى:{وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} الآية 14 من سورة لقمان؛ وهي وصية هامة بضرورة الإحسان للوالدين وبرهما إعترافاٍ بفضلهما وإمتناناً لهما، فمهما قدم الإنسان من صور البر لوالديه لن يستطع الوفاء بفضلهما عليه ووصى لقمان ابنه بضرورة شكر الوالدين وحسن صاحبتهما في الدنيا.
حتى وإن أمروك بالشرك بالله فلا تطعهما ولكن صاحبهما في الدنيا بالمعروف وتلك الوصية الثالثة {وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}الآية 15من نفس السورة.
وجاءت الوصية الرابعة حيث أوضح لقمان لابنه ضرورة مراقبة الله عزوجل لأنه سبحانه السميع البصير الخبيربشؤون عباده ومطلع على أحوالهم سراً وعلانية، وأن الله تعالى قادر على أن يجمع على الإنسان كل مافعله في حياته وإن ظن أنه قد خبأه فإن الله مطلع عليه ويأتي بكل مافعله الإنسان وإن كان مثقال حبة من خردلٍ وهي حبة متناهية في الصغر فإن الله تعالى رقيبٌ،سميعٌ،بصيرٌ
قال تعالى {يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ}الآية 16من سورة لقمان
ثم جاءت الوصية الخامسة والسادسة والسابعة في الآية الكريمة: {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} الآية 17من سورة لقمان والتي تحمل في طياتها الأمر بالصلاة وهي من ركائز الشريعة ، ثم ضرورة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ثم أوصى لقمان ابنه بالصبر على المصاب والإيمان بالقدركله خيره وشره لأن ذلك من عزم الأمور وأعظم ثواباً وأجراًعند الله عزوجل.
ثم جاءت الوصية الثامنة بالنهي عن التكبر والتفاخر بين الناس لأنها من صفات المختالين الذين لايحبهم الله تعالى ، حيث قال تعالى:
{وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ}الآية 18 من نفس السورة
واختتم لقمان حواره مع ابنه بوصيته المشهورة الوصية العاشرة والتي كثيراً ما نرددها على مسامع أبنائنا إذا ماتعالت أصواتهم حيث أوصى لقمان ابنه بالأمر بالتوسط والإعتدال في مشيته وخفض الصوت عند التكلم والتأدب في الحديث حيث قال تعالى : {وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ}الآية 19من سورة لقمان.
وهكذا قد جمع لقمان الحكيم في وصاياه أصول الشريعة وهي العقائد بعدم الشرك بالله تعالى ،والأعمال بمراقبة الله عزوجل والإحسان بالوالدين والأمر بالصلاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصبر على المصاب، كما جمعت الوصايا آداب المعاملة منها النهي عن التكبر والتفاخر والتأدب مع النفس بخفض الصوت والإعتدال في المشي؛ لذا تستحق وصايا لقمان أن تدرس في المناهج التربوية والتعليمية وأن يحفظها كل الآباء والأبناء عن ظهر قلب لأنها وصايا أيقونية لتحسين تربية الأبناء وحسن التعامل معهم وضرورة إجراء حوار دائم بين الآباء وأبنائهم وتقديم النصح والإرشاد لهم بطريقة عطوفة مثلما أوصى لقمان ابنه.
وهكذا.. نكون قد تعرفنا على الوصايا العشر للقمان الحكيم، ومالها من أثر عظيم في تربية الأبناء والنشىء، وأنها تعد أيقونة تربوية للآباء والمعلمين لما تطرقت له من وصايا هامة تفيد في تربية الأبناء على ركائز إسلامية سليمة .