شخصيات إسلامية:  أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان (الحلقة الثالثة)

شخصيات إسلامية:  أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان (الحلقة الثالثة)
شخصيات إسلامية:  أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان (الحلقة الثالثة)

السيدة أم حبيبة رملة بنت أبى سفيان في بيت النبوة،وعاشت السيدة أم المؤمنين، أم حبيبة رملة بنت أبى سفيان رضي الله عنها، إلى جوار النبي صلى الله عليه وسلم، في بيت النبوة وإحتضن النبي صلى الله عليه وسلم، ابنتها حبيبة وكان يحنو عليها، ويعاملها كإبنته, وعوضها عن فقدها لأبيها، ولما بلغت سن الزواج تزوجت من إبن خالتها داود بن عروة بن مسعود الثقفي.

وقد ظلت السيدة أم المؤمنين أم حبيبة رملة بنت أبى سفيان رضي الله عنها، مخلصةً للنبي صلى الله عليه وسلم، ولدينه، ولبيته، ومستمسكة بسنته، صلى الله عليه وسلم، ويروى أن أبا سفيان بن حرب والدها جاء من مكة إلى المدينة المنورة، قبل فتح مكة بعد ان نقضت قريش صلح الحديبية. وإعتدت على مسلمي قبيلة خزاعة في الحرم، والذين كانوا ضمن حلفاء النبي صلى الله عليه وسلم.

وكان يتصور أن الرسول صلى الله عليه وسلم، لم يعلم بذلك، طالبا أن يمد النبي صلى الله عليه وسلم، هدنة الحرب التي تحددت في صلح الحديبية، فلم يقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحاول أبو سفيان أن يوسط أبا بكر الصديق، ثم عمر بن الخطاب، ثم عثمان بن عفان، ثم علي بن أبي طالب رضي الله عنهم جميعا على التوالي.

فلم يفلح فجاء إلى إبنته أم المؤمنين أم حبيبة رملة بنت أبى سفيان رضي الله عنها، وأراد أن يجلس على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم، فطوته دونه، فقال يا بنية أرغبت بهذا الفراش عني، أو بي عنه، فقالت له بل هو فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنت إمرؤ مشرك نجس.

فلم أحب أن تجلس على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لها يا بنية لقد أصابك بعدى شر فقالت بل هداني الله للإسلام، وأنت يا أبت سيد قريش وكبيرها، كيف يسقط عنك الدخول في الإسلام، وأنت تعبد حجرا لا يسمع ولا يبصر.

إسلام ابو سفيان رضي الله عنه والد السيدة “رملة” أم حبيبة

فقام من عندها مغضبا، وعاد أدراجه إلى مكة، وعلمت أم المؤمنين أم حبيبة رضي الله عنها، بعد ذلك بأن الرسول صلى الله عليه وسلم، يريد فتح مكة فدعت الله أن يسلم أبوها، كما أسلم غيره، وقابل العباس بن عبد المطلب، عم الرسول صلى عليه وسلم، أبا سفيان وحذره من التعرض لجيش المسلمين.

إسلام ابو سفيان رضي الله عنه والد السيدة "رملة" أم حبيبة
إسلام ابو سفيان رضي الله عنه والد السيدة أم حبيبة رملة

حيث لا قبل لقريش به، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم، لا يريد قتالا في البلد الحرام، وأركبه خلفه على فرسه، وذهب به إلى رسول الله، وبعد حديثه معه أعلن أبو سفيان إسلامه، ولما علمت أم المؤمنين أم حبيبة، بإسلام أبيها فرحت فرحا شديدا، وحمدت الله حمدا كثيرا، على أن هداه ربه للإسلام بعد طول عناد، وعداء للإسلام ورسوله.

وكانت رضي الله عنها مع غيرتها على رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا تمانع في أن تشاركها فيه أختها عزة بنت أبي سفيان، فقد سمعت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، هم أن يتزوج درة بنت أبي سلمة بنت زوجته أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها.

بعض أحكام الزواج الشرعية
بعض أحكام الزواج الشرعية

بعض الأحكام الشرعية في الزواج

فقالت له يا رسول الله أنكح أختي عزة، فقال وتحبين، فقالت نعم وإنني أحب الخير لأختي، كما أحبه لنفسي فقال النبي صلى الله عليه وسلم، إِن ذلك لا يحل لي، فقالت يا رسول الله فوالله إنا لنتحدث أنك تريد أن تنكح، دُرة بنت أبي سلمة، فقال بنت أم سلمة فقالت نعم فقال فواللَّه لو لم تكن في حجرى ما حلت لي، إنها لإبنة أخي من الرضاعة، أرضعتني وأباها أبا سلمة ثويبة، فلا تعرضن علي بناتكن، ولا أخواتكن، ومن هذه القصة يبين لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

بعض الأحكام الشرعية في الزواج، فلا يجوز للرجل الجمع بين الأختين، في آن واحد، ولا يجوز أيضا للرجل الجمع بين المرأة، وإبنتها، أى ربيبته، وأنه يحرم بالرضاعة، ما يحرم بالنسب .

أم المؤمنين السيدة أم حبيبة رملة بنت أبى سفيان
أم المؤمنين السيدة أم حبيبة رملة بنت أبى سفيان

حياة السيدة أم حبيبة رملة “أم المؤمنين” بعد وفاة الرسول وحتى وفاتها

هذا وكان من تمسك أم المؤمنين السيدة أم حبيبة رملة بنت أبى سفيان رضي الله عنها، بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، أنه لما توفي أبوها أبو سفيان بن حرب، عام 31 هجرية، في عهد الخليفة الراشد الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه، وجاء نعيه من الشام، دعت أم حبيبة رضي الله عنها، بصفرة في اليوم الثالث، لوفاته، فمسحت عارضيها، وذراعيها، وقالت:-

إني كنت عن هذا لغنية، لولا أني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم” يقول لا يحل لاِمرأَة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج فإنها تحد عليه أربعة أشهر وعشرا” وفضلا عن ذلك كانت السيدة أم المؤمنين، أم حبيبة رملة بنت أبى سفيان رضي الله عنها، من رواة الحديث النبوى الشريف.

فقد روت عن النبي صلى الله عليه، وسلم عدة أحاديث بلغ عددها “65” حديثا، ولها في مجموع كتب الحديث الصحاح الستة تسعة وعشرون حديثا.

وإتفق لها الإمامان البخارى ومسلم على حديثين، وروى عنها أخواها معاوية، وعنبسة، وإبن أخيها عبد الله بن عتبة بن أبي سفيان، وعروة بن الزبير بن العوام، وشتير بن شكل، وشهر بن حوشب، وأبو سفيان بن سعيد بن الأخنس، وهي خالته، وأبو صالح ذكوان السمان، وصفية بنت شيبة، وزينب بنت أبي سلمة المخزومية.

وكان من أشهر أحاديثها رضي الله عنها، ما روته في تحريم الربيبة، وأخت المرأة، وأيضا حديثها في فضل السنن الراتبة، قبل الفرائض، وبعدهن، وقد رواه عنها معظم الصحابة، والتابعين، الذين ذكرناهم.

كما حوت مروياتها أحاديث في وجوب الإحداد للمرأة المتوفَّى عنها زوجها، وعدم جوازه لغير الزوج فوق ثلاثة أيام، والكحل للحادة، وفي أبواب الحج روت في إستحباب دفع الضعفاء من النساء، وغيرهن من المزدلفة، إلى منى، في أواخر الليل قبل زحمة الناس.

وفي أبواب الطهارة الوضوء، مما مسته النار، وفي صلاة الرجل في الثوب الذي جامع فيه، وما يجوز للرجل من المرأة الحائض، وفي أبواب الصوم، روت في جواز القبلة للصائم، وفي الدعاء بعد الأذان، وروت في العير التي فيها الجرس، لا تصحبها الملائكة، وغيرها.

وقد عاشت السيدة أم حبيبة رملة بنت أبى سفيان رضي الله عنها بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثلاثا وثلاثين سنةً، متمسكة بهدية سائرة على سنته، عميقة الصلة بالمؤمنين جميعا، مشاركة للمسلمين في الأحداث العظمى، وحاولت إنقاذ الخليفة الراشد الثالث، عثمان بن عفان، لما حاصر الثوار، والمتمردون، داره وكادت أن تفقد حياتها، في هذه المحاولة.

وعلاوة على كل ما سبق ذكره، من مناقب السيدة أم المؤمنين أم حبيبة رملة بنت أبى سفيان رضي الله عنها، فقد كانت حسنة الصلة بقريناتها، أُمهات المؤمنين الأخريات رضي الله عنهن جميعا، حريصةً على ودهن وإسترضائهن.

أم حبيبة رملة بنت أبى سفيان
وفاة أم حبيبة رملة بنت أبى سفيان

وفي اللحظات الأخيرة، من حياتها إستدعت أم المؤمنين السيدة عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنها، لتقول لها أمرا غاية في الأهمية، بالنسبة لها، فعن عوف بن الحارث قال “سمعتُ عائشة رضي الله عنها تقول دعتني أم حبيبة رملة بنت أبى سفيان زوجة النبي صلى الله عليه وسلم، عند موتها فقالت قد كان يكون بيننا ما يكون بين الضرائر فغفر الله لي ولك، ما كان من ذلك فقلت غفر الله لك، ذلك كله وتجاوز وحللك، من ذلك فقالت سررتني سرك الله، وأرسلت كذلك إلى أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها، فقالت لها مثل ذلك”

وهكذا تجسدت فيها رضي الله عنها، روح الحب والألفة بينها وبين أُمهات المؤمنين، الباقيات على قيد الحياة، عندما طلبت من السيدة عائشة ومن السيدة أم سلمة، أن تحللاها من أىِ شئٍ، قد يكون في نفسهما تجاهها فحللاها، وإستغفرا لها، وكانت وفاتها رضي اله عنها، بالمدينة المنورة عام “44” هجرية عن ثمان وستين عاما، في خلافة أخيها الخليفة الأموى الأول، معاوية بن أبي سفيان.

رحم الله أمنا أم المؤمنين أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان، رحمة واسعة وأسكنها فسيح جناته، مع النبيين، والصديقين، والشهداء، والصالحين، وحسن أولئك رفيقا، وجزاها عنا، وعن الإسلام خيرا .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب وأي نسخ أو تعديل أو تضمين للمقال يتم من خلال الكاتب / أ. طارق بدراوي .

انتظرونا في الحلقات القادمة مع شخصية جديدة من الشخصيات الإسلامية العظيمة، نتعرف معا عن قرب عليها ونلقي الضوء على جوانب حياتية و معلومات قيمة لا يعرفها الكثيرين فتابعونا ،،
شارك الخبر

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *