![شخصيات إسلامية: أبو عبيدة بن الجراح - الحلقة الخامسة والأخيرة 5 شخصيات إسلامية: أبو عبيدة بن الجراح – الحلقة الخامسة والأخيرة](https://alhekayah.com/wp-content/uploads/2024/02/4_20240313_011815_٠٠٠٣.jpg)
فتح بيت المقدس
وبعد هذه المرحلة من فتوحات بلاد الشام والتي وقعت فيها معركة أجنادين واليرموك فحل، وتم فتح دمشق أيا كان ترتيبها عقد أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه القائد العام للمسلمين في بلاد الشام، مجلس الحرب في أواخر شهر شعبان عام 15 هجرية الموافق أوائل شهر أكتوبر عام 636 م لمناقشة الخطط المستقبلية والأهداف المتنوعة بين مدينتي قيسارية الساحلية والقدس.
حيث رأى أبو عبيدة أهمية هذه المدن على حد سواء، والتي قاومت كل محاولات المسلمين في الفتح، فكتب للخليفة عمر رضي الله عنه، يستشيره في إتخاذ قرار بشأن هذه المسألة فأمره الخليفة بفتح بيت المقدس، أولا ووفقا لذلك سار أبو عبيدة بجيش المسلمين، ومعه قادته من دمشق نحو القدس فلما علم الروم بذلك تحصنت حاميتهم داخل المدينة.
وكانت حصون المدينة منيعة وقوية حيث كان بطريك القدس بعد هزيمة البيزنطيين في اليرموك، قد أصلح دفاعاتها وكان المسلمون وخاصة بعد إنتصارهم في اليرموك يهددون كل الطرق المؤدية إلى المدينة المقدسة، وكان المسلمون قد إستولوا على الحصون المجاورة بيلا وبصرى وذلك إنعزلت المدينة عن باقي مدن الشام وعندما وصل جيش المسلمين أريحا جمع بطريك الروم صفرونيوس الآثار المقدسة.
وأرسلها سرا إلى الساحل لأخذها للقسطنطينية، وبدأت قوات المسلمين الحصار في شهر شوال عام 15 هجرية الموافق شهر نوفمبر عام 636م، وتم فرض الحصار على المدينة من كل الجهات لاٍنهاك البيزنطيين بنقص الإمدادات، حتى يمكن التفاوض على الإستسلام دون قتال، وعلى الرغم من عدم تسجيل تفاصيل الحصار إلا أن الحامية البيزنطية، لم تتوقع أى مساعدة من نظام هرقل المتواضع وبعد حصار دام أربعة أشهر عرض صفرونيوس إستسلام المدينة ودفع الجزية بشرط أن يحضر الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى القدس، للتوقيع على إتفاق وقبول الإستسلام.
ويقال إنه عندما علم المسلمون بشروط صفرونيوس إقترح شرحبيل بن حسنة رضي الله عنه أحد قادة المسلمين، إرسال خالد بن الوليد رضي الله عنه على أنه الخليفة، بما أنه كان مماثلا جدا في المظهر لعمر بدلا من إنتظار قدوم الخليفة، من المدينة المنورة لكن هذا لم ينجح ربما لأن خالد كان مشهورا جدا في الشام، أو قد يكون هناك بعض المسيحيين العرب في المدينة الذين زاروا المدينة المنورة، وشاهدوا كل من عمر وخالد، وبالتالي رفض بطريرك القدس التفاوض.
فكتب أبو عبيدة إلى الخليفة عمر ، عن الوضع ودعاه للقدوم إلى القدس لقبول إستسلام المدينة، وفي شهر ربيع الأول عام 16 هجرية الموافق شهر أبريل عام 637م، وصل عمر إلى فلسطين، وذهب أولا إلى الجابية حيث إستقبله أبو عبيدة وخالد بن الوليد، اللذان كانا قد وفدا لإستقباله وتركا عمرو بن العاص قائدا لجيش المسلمين المحاصر للقدس.
ولدى وصول عمر إلى القدس تمت صياغة العهدة العمرية، وإستسلمت المدينة وأعطيت ضمانات الحرية المدنية والدينية للمسيحيين في مقابل الجزية، وقد وقع عليها الخليفة عمر نيابة عن المسلمين، وشهد عليها خالد بن الوليد وعمرو بن العاص، وعبد الرحمن بن عوف، ومعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهم جميعا، وفي أواخر شهر شوال عام 16 هجرية الموافق أواخر شهر أبريل عام 637م، إستسلمت القدس رسميا للمسلمين وقد نص شرط في العهدة العمرية أن لا يسكن بالقدس أحد من اليهود.
![شخصيات إسلامية: أبو عبيدة بن الجراح - الحلقة الخامسة والأخيرة 16 فتح الشام الحلقه الخامسة "أبو عبيدة بن الجراح"](https://alhekayah.com/wp-content/uploads/2024/02/1_20240313_011814_٠٠٠٠.jpg)
وخطب عمر رضي الله عنه في أهل بيت المقدس، قائلا يا أهل إيلياء لكم ما لنا وعليكم ما علينا، ثم دعاه البطريرك صفرونيوس لتفقد كنيسة القيامة فلبى عمر دعوته وأدركته الصلاة وهو فيها فإلتفت إلى البطريرك، وقال له أين أصلي فقال مكانك صل فقال ما كان لعمر أن يصلي في كنيسة، فيأتي المسلمون من بعدى ويقولون هنا صلى عمر، ويبنون عليه مسجدا فإبتعد عنها رمية حجر وفرش عباءته وصلى، وجاء المسلمون من بعده، وبنوا في ذلك المكان مسجدا سمي بمسجد عمر .
أبو عبيدة بن الجراح:إستكمال فتح باقي مدن الشام
وإتباعا لإرشادات الخليفة عمر رضي الله عنه سار يزيد بن أبي سفيان رضي الله عنه إلى قيصرية، وحاصرها بينما سار عمرو بن العاص وشرحبيل بن حسنة رضي الله عنهما لإستكمال فتح فلسطين والأردن، وهي المهمة التي اكتملت بحلول نهاية العام السادس عشر الهجرى أيضا لكن قيصرية، لم تؤخذ حتى عام 19 هجرية الموافق عام 640 م، وفي نقس الوقت وطبقا لتعليمات الخليفة أيضا خرج أبو عبيدة وخالد من القدس لإستكمال فتح شمال سوريا الذى إنتهى مع فتح أنطاكية في أواخر عام 16 هجرية الموافق أواخر عام 637م.
حيث إتجه المسلمون إلى حِمص بعد أن هزموا الروم في اليرموك، وبعد فتح دمشق فصالحه أهلها على الجزية، ووضع أبو عبيدة نصب عينه الجهات الشمالية من سوريا فبعث خالد بن الوليد على مقدمة جيشه إلى قنسرين فلما علم الروم، بذلك زحفوا لمقابلة جيش المسلمين خارج المدينة، وكان عليهم ميناس.
![شخصيات إسلامية: أبو عبيدة بن الجراح - الحلقة الخامسة والأخيرة 17 فتح الشام الحلقة الخامسة من آمين الأمة](https://alhekayah.com/wp-content/uploads/2024/03/20240303_014828_٠٠٠٠-1.png)
وكان من أعظم الروم بعد هرقل فإلتقوا، ووقعت بين الجمعين معركة كبيرة فقتل ميناس ومن معه ولم يبق منهم أحد وكان من أهل المدينة من يسكن خارج أسوارها وهم عرب مسيحيين من تنوخ فأرسلوا إلى خالد أنهم عرب وإنهم لم يكن من رأيهم حربه فدعاهم أبو عبيدة إلى الإسلام فأسلم بعضهم وبقي البعض على النصرانية فصالحهم على الجزية، وسار خالد حتى نزل على قنسرين فخرج إليه أهل المدينة لقتاله فلما وجدوا أنهم لا قبل لهم بالمسلمين لجأوا إلى حصنهم فتحصنوا منه.
فهددهم بما معناه أنَّ المدينة ستسقط بيد المسلمين لا محالة فنظروا في أمرهم ورأوا ما لقي أهل حمص فصالحوهم على صلح حمص على دينار وطعام على كل جريب أيسروا أو أعسروا ودعا أبو عبيدة أهل قنسرين إلى الإسلام فأسلم بعضهم وأقام على النصرانية بعضهم الآخر.
ولما فرغ أبو عبيدة من قنسرين سار إلى حلب فبلغه أن أهل قنسرين نقضوا وغدروا، فوجه إليهم السمط بن الأسود الكندى فحاصر المدينة، وأعاد فتحها وغنم فيها بعض المواشي من أبقار وأغنام، فقسم بعضه في جيشه وجعل بقيته في المغنم ولما ورد أبو عبيدة عليهم أسلم المزيد من أهالي المدينة، وصالح الكثير منهم على الجزية ثم أسلموا بعد ذلك إلا البعض منهم الذى فضل البقاء على المسيحية، ووصل المسلمون إلى حلب فتحصن منهم أهلها.
وجاء أبو عبيدة حتى نزل عليهم فطلبوا من المسلمين الصلح والأمان، فقبل منهم أبو عبيدة وصالحهم وكتب لهم أمانا ودخل المسلمون حلب من باب أنطاكية، وسار أبو عبيدة بعد ذلك إلى أنطاكية، وكانت مركزا لجيوش الإمبراطورية البيزنطية، ومقر هرقل إمبراطور الروم، ومأمنه وكان قد لجأ إليها كثير من البيزنطيين وفتح أثناء زحفه أعزاز بدون قتال، وحاولت قوة عسكرية خرجت منها وقف تقدمه إلَا أنها فشلت، وإضطر أفرادها للعودة والتحصن بالمدينة، ولما وصل أبو عبيدة إلى أنطاكية ضرب الحصار عليها وجرت مناوشات بين الطرفين، إضطر بعدها السكان إلى طلب الصلح، وأقروا بالجزية ووافق أبو عبيدة على طلبهم.
ودخل المسلمون بعد ذلك إلى المدينة ونظرا لأهمية موقعها كمركز متقدم ملاصقٍ لحدود العدو أمر عمر أبا عبيدة بشحنها بالمقاتلين، وكان هرقل قد خرج من أنطاكية، قبل وصول المسلمين إليها وعاد إلى عاصمته القسطنطينية، وتروى المصادر الإسلامية أنه ودع الشام مدركا أن الروم خسروها للأبد، فقال عليك السلام يا سوريا سلاما لا إجتماع بعده إلا أن أسلم عليك تسليم المفارق، ولا يعود إليك رومي أبدا إلا خائفا حتى يولد المولود المشئوم ويا ليته لم يولد ما أحلى فعله وأمر عاقبته على الروم .