ليلة النصف من شعبان: فضلها وحكم الإحتفال بها

ليلة النصف من شعبان: فضلها وحكم الإحتفال بها
ليلة النصف من شعبان: فضلها وحكم الإحتفال بها

أيام قليلة وتهل علينا نفحات مباركة… لقد إقتربت ليلة من أعظم الليالي التي لها فضل كبير؛ ألا وهي ليلة النصف من شعبان، يكفيها شرفاً وتعظيماً أنها من ليالي شهر شعبان ذلك الشهر الذي يغفل عنه الناس بين رجب ورمضان كما قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم، وهو شهر ترفع فيه الأعمال ويغفر الله فيه للمؤمنين ويمهل الكافرين ويدع أهل الحقد بحقدهم حتى يتركوه، نتابع معكم عبر موقع الحكاية فضل ليلة النصف من شعبان وحكم الإحتفاء بها، ونذكر لكم الأحاديث النبوية الشريفة الصحيحة التي وردت في فضل ليلة النصف من شعبان، كما نذكر لكم حكم صيام النصف الثاني من شهر شعبان، وننقل لكم موعد ليلة النصف من شعبان للعام الهجري ١٤٤٥ه‍ /٢٠٢٤م كما أقرته، دار الإفتاء المصرية، وكذلك نذكر آراء بعض التابعين والفقهاء حول ليلة النصف من شعبان

ليلة النصف من شعبان

إن الله تعالى قد فضّل بعض الرسل على بعض، وفضّل بعض الأمم على بعض، وفضّل بعض الأزمنة والشهور على بعض، كفضل شهر رمضان على سائر الشهور، وفضّل بعض الليالي على بعض مثل تفضيل ليلة القدر عن سائر الليالي وكذلك ليلة النصف من شعبان….

تعتبر ليلة النصف من شعبان واحدة من أهم وأعظم الليالي المباركة التي يتعرض لها المسلمون مرة من كل عام هجري، ولقد كان الحبيب المصطفى يختص  أيام شهر شعبان الفضيل بكثرة الصيام لكونه موضعاً لرفع الأعمال.

ليلة النصف من شعبان
ليلة النصف من شعبان

 

الأدلة على فضل ليلة النصف من شعبان من الكتاب والسُنة

جاء في فضل ليلة النصف من شعبان ماورد في محكم التنزيل…..

فقد جاء في تفسير الآية الكريمة {فيها يُفرق كل أمرٍ حكيم} [سورة الدخان – آية ٤] نقلاً عن الإمام الطبري في كتاب “جامع البيان” ١٠/٢٢، ط.«أن الليلة المقصودة هنا هي ليلة النصف من شعبان، والتي يبرم فيها أمر السنة وتنسخ الأحياء من الأموات فلا يزاد فيهم أحد ولا ينقص منهم أحد »

وأما عن فضل ليلة النصف من شعبان من السنة النبوية….

فعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” إذا كانت ليلة النصف من شعبان، فقوموا ليلها وصوموا نهارها، فإن الله ينزل فيها لغروب الشمس إلى سماء الدنيا، فيقول: ألا من مستغفر لي فأغفر له، ألا مسترزق فأرزقه، ألا مبتلى فأعافيه، ألا كذا، ألا كذا، حتى يطلع الفجر”.

أخرجه ابن ماجة في “السنن”، والبيهقي في “شعب الإيمان”، والفاكهي في ” أخبار مكة”.

أيضاً من الأحاديث التي وردت في ذكر ليلة النصف من شعبان حديث أم المؤمنين عائشة رضي اللَّه عنها قالت: فقدت النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فخرجت أطلبه، فإذا هو بالبقيع رافع رأسه إلى السماء، فقال: ” ياعائشة، أكنت تخافين أن يحيف الله عليك ورسوله!، فقلت: ومابي ذلك، ولكني ظننت أنك أتيت بعض نسائك، فقال: “إن الله تعالى ينزل ليلة النصف من شعبان إلى السماء الدنيا فيغفر لأكثر من عدد شعر غنم كلب، وهو اسم قبيلة” رواه الترمذي، وابن ماجه وأحمد، واللفظ لابن ماجة.

ليلة النصف من شعبان
ليلة النصف من شعبان في الكتاب والسنة

موعد ليلة النصف من شعبان للعام الهجري 1445هـ

لقد تزامنت غرة شهر شعبان هذا العام يوم الأحد الموافق 11 من فبراير 2024 بعد غروب شمس يوم التاسع والعشرين من شهر رجب عام 1445ه‍ وبناءً عليه فإن ليلة النصف من شعبان 1445هـ وفقاً لما أعلنته دار الإفتاء المصرية عبر صفحتها الرسمية على «الفيسبوك»؛ ستوافق يوم السبت المقبل الموافق ٢٤ من شهر فبراير ٢٠٢٤، وتبدأ ليلة النصف من شعبان إعتباراً من مغرب يوم السبت ٢٤ من فبراير ٢٠٢٤ وتنتهي فجر اليوم التالي.

موعد ليلة النصف من شعبان للعام الهجري ١٤٤٥
موعد ليلة النصف من شعبان للعام ١٤٤٥ه‍/٢٠٢٤م

كيفية إغتنام ليلة النصف من شعبان

مما لاريب فيه أن الشريعة الإسلامية قد رغبت في صيام أيام الـ١٣، ١٤، ١٥ من كل شهر عربي فيما يعرف بــ «الأيام البيض» إتباعاً للهدي النبويّ المحمديّ، لقوله صلى الله عليه وسلم: “صُم من كل شهر ثلاثة أيام، فذلك صوم الدهر أو كما قال كصوم الدهر”. صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وكما نعلم أن ليلة النصف من شعبان تمتد إبتداء من مغرب يوم الـرابع عشر من شعبان وحتى فجر اليوم التالي، لذا فهي تتزامن مع صيام يوم ١٤ و١٥ إشتمالاً.

وبذلك يكون صيام ليلة النصف من شعبان يوم الأحد الموافق ٢٥ من فبراير ٢٠٢٤ الموافق ١٥ من شعبان ١٤٤٥هـ.

ولقد أباحت دار الإفتاء المصرية الإحتفال بالنصف من شعبان شرعاً ويكون ذلك بإحياء ليلتها بالقيام وتلاوة القرآن والذكر والدعاء، وصيام نهارها لما له من فضل عظيم.

أيضاً لقد ورد عن علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:« إذا كانت ليلة النصف من شعبان، فقوموا ليلها وصوموا نهارها، فإن الله ينزل فيها لغروب الشمس إلى سماء الدنيا، فيقول: ألا من مستغفر لي فأغفر له ، ألا من مسترزق فأرزقه، ألا من مبتلى فأعافيه، ألا كذا، ألا كذا، حتى يطلع الفجر».

ليلة النصف من شعبان
حكم صيام ليلة النصف من شعبان

ماورد في فضل ليلة النصف من شعبان

لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من الصحابة الطاهرين أنه قد إختص ليلة النصف من شعبان بصلاة معينة أو بدعاء محدد أو بذكر معين، بل أن الشيء الوحيد الجدير بالذكر هنا أن بعض التابعين من أهل الشام كانوا يعظمون تلك الليلة ويجتهدون فيها بالعبادة والتقرب إلى الله تعالى.

ولقد قال الشيخ ابن تيمية -رحمه الله -(وأما ليلة النصف من شعبان ففيها فضل، وكان في السلف من يصلي فيها، لكن الإجتماع فيها لإحيائها في المساجد ففيها بدعة).

كما قال الإمام الشافعي- رحمه الله:(بلغنا أن الدعاء يستجاب في خمس ليالٍ، ليلة الجمعة، والعيدين، وأول رجب، والنصف من شعبان ).

وكما ذكرنا أن صيام ليلة النصف من شعبان فيسن إشتمالاً على أنه من صيام الأيام البيض وهي الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر من كل شهر هجري.

أحاديث صحيحة وردت في ليلة النصف من شعبان

هناك أحاديث كثيرة جاءت في فضل ليلة النصف من شعبان ولكن؛ ليست جميعها صحيحة فهناك منها الضعيف ومنها الموضوع !

وتجدر بنا الإشارة هنا إلى مجموع الأحاديث النبوية الصحيحة التي وردت في ليلة النصف من شعبان….

»روى البيهقيّ في “شعب الإيمان” عن أبي ثعلبة الخشني -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” إذا كان ليلة النصف من شعبان إطّلع الله إلى خلقه، فيغفر للمؤمنين، ويملي للكافرين، ويدع أهل الحقد بحقدهم حتى يدعوه” رواه الطبرانيّ وحسّنه الألبانيّ- رحمه الله- في صحيح الجامع.

»أيضاً ورد عن أبي موسى -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” إن الله ليطلع في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه، إلا لمشرك أو مشاحن” رواه ابن ماجه، وابن حبان عن معاذ بن جبل- رضي الله عنهما.

»وعن أبي هريرة -رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” تفتح أبواب الجنة يومي الإثنين والخميس فيغفر الله لكل عبد لايشرك بالله شيئاً إلا رجلاً كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقول الله عزوجل أنظروا هذين حتى يصطلحا “ رواه مسلم.

أحاديث صحيحة وردت في فضل ليلة النصف من شعبان
ليلة النصف من شعبان: فضلها وحكم الإحتفال بها

آراء بعض التابعين والفقهاء عن ليلة النصف من شعبان

لقد قال عن ليلة النصف من شعبان الفضيلة الإمام الشافعي- رحمه الله :”بلغنا أنه كان يقال: إن الدعاء يستجاب في خمس ليال، في ليلة الجمعة، وليلة الأضحى، وليلة الفطر، وأول ليلة من شهر رجب، وليلة النصف من شعبان” ورد في (الأم 1/264، ط. دار المعرفة)

كما ورد في فضل ليلة النصف من شعبان عن أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب رضي الله عنه قال: “يعجبني أن يُفرّغ الرجل نفسه في أربع ليال… ليلة الفطر، وليلة الأضحى، وأول ليلة من رجب، وليلة النصف من شعبان” (التبصرة لابن الجوزي)

ولقد قال عطاء بن يسار أحد التابعين وهو مولى أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث- رضي الله عنهما- : «ما من ليلة بعد ليلة- بعد ليلة القدر- أفضل من ليلة النصف من شعبان، يتنزل الله تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا، فيغفر لعباده كلهم، إلا لمشرك أو مشاجر أو قاطع رحم ».

حكم صيام النصف الثاني من شهر شعبان

يقول الدكتور عطية لاشين عضو لجنة الفتوى التابعة للأزهر الشريف، بشأن صيام النصف الثاني من شهر شعبان أنها مسألة أختلف في حكمها الفقهاء ؛ فمنهم من رأى جواز الصوم فيه لمن إعتاد الصيام مثلاً كرجل يصوم يوما ويفطر يوم أو يصوم يومي الإثنين والخميس من كل أسبوع فهنا أجاز بعض الفقهاء أن يكمل عادته بالصيام في النصف الثاني من شعبان.

فضل الصيام في شهر شعبان

إن شهر شعبان شهر ترفع فيه الأعمال إلى الله عز وجل، فكما ورد عن أبو داود والنسائي وابن خزيمة من حديث عن أسامة بن زيد -رضي الله عنهما- قال: قلت: يا رسول الله لم أرك تصوم من شهر من الشهور ماتصوم من شعبان؟! قال صلى الله عليه وسلم: ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين؛ فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم” حسّنه الألبانيّ.

وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت:

مارأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إستكمل صيام شهر قط إلا شهر رمضان، ومارأيت أكثر منه صياماً في شعبان”.

حكم الإحتفال بليلة النصف من شعبان

أجاب الدكتور شوقي إبراهيم علام مفتي الجمهورية أن الإحتفال بليلة النصف من شعبان مشروع على جهة الإستحباب، ولقد رغّب الشرع في إحيائها وإغتنام نفحاتها بقيام ليلها وصوم نهارها…ولقد درج على إحياء هذه الليلة والإحتفال بها المسلمون سلفاً وخلفاً عبر القرون من غير نكير.

حكم الإحتفال بليلة النصف من شعبان
حكم الإحتفال بليلة النصف من شعبان

الدعاء ليلة النصف من شعبان

إن من أفضل الطاعات وأكرمها عند الله عزوجل الدعـــاء، فلقد قال سبحانه وتعالى في محكم آياته:{وقال ربكم أدعوني أستجب لكم} سورة غافر الآية 60، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم :” الدعاء هو العبادة” رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه.

وعن عائشة -رضي الله عنها- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” هذه ليلة النصف من شعبان، إن الله عزوجل، يطّلع على عباده في ليلة النصف من شعبان فيغفر للمستغفرين، ويرحم المسترحمين، ويؤخر أهل الحقد كما هم” رواه البيهقي في «شعب الإيمان».

وهذا يدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم يحثنا في تلك الليلة على الإستغفار والدعاء لله بأن يغفر لنا ويرحمنا، كما ينهانا عن الحقد والبغض، ويحثنا على التسامح وسلامة الصدر وتصفية الأنفس حتى تقبل أعمالنا ويرضى عنا الخالق سبحانه وتعالى.

ولقد ورد في إستجابة الدعاء في تلك الليلة… أن عليّ بن أبي طالب -كرّم الله وجهه- خرج ليلة النصف من شعبان ، فأكثر الخروج فيها ينظر إلى السماء فقال:” اللهم ربّ داود اغفر لمن دعاك في هذه الليلة ولمن استغفرك فيها” من « لطائف المعارف» لابن رجب الحنبلي.

ليلة النصف من شعبان
ليلة النصف من شعبان: فضلها وحكم الإحتفال بها

وبناءً على ماسبق…

فإن مجمل القول أن ليلة النصف من شعبان لم تخصص بأي صلاة أو ذكر أو دعاء ولكن؛ ليس معنى هذا الإنتقاص من قدرها الذي ورد تفصيلاً في الأحاديث الصحيحة والتي ذكرناها مقدماً ، وإنما تعد ليلة النصف من شعبان فرصة عظيمة لتطهير النفس البشرية من الحقد والبغض والكراهية كما أنها فرصة ثمينة يجب إغتنامها لإعادة أواصر المحبة والسلام والمودة بين المسلمين فهي تربة خصبة يحسن إستغلالها لمن قطع رحمه أن يوصلها من جديد ولمن تعدى على أبويه وعاقّهما بأن يبرهما من جديد، ولمن هجر أخاه أن يوصله، ويكفي ليلة النصف من شعبان شرفاً وتعظيماً أنها تنتمي لشهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، وليس أجلّ من أن يرفع عمل المسلم وهو على طاعة مثل طاعة كالصيام إتباعاً لهدي الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم الذي كان يحب أن يرفع عمله وهو صائم، كما يستحب في تلك الليلة المباركة مثلها كسائر الليالي أن يتقرب المسلم إلى الله سبحانه وتعالى بالتضرع في الدعاء والقيام والصدقات وأن يكثر الإستغفار والتوبة والعزم على فعل ومداومة الطاعات إستعدادا لإستقبال الحدث الأعظم شهر الطاعات والرحمات شهر رمضان المبارك.

وفي الختام نسأل الله تعالى أن يتقبلنا في عباده الصالحين وأن يرضى عنا ويرحمنا ويجعلنا من المقبولين وأن يرفع عملنا إليه وهو راض عنا تمام الرضا من ربٍ غفورٌ رحيم وأن يُبلغنا رمضان ويُسلّمنا إليه ويتسلّمه منا آمين يارب العالمين.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *