تعتبر صلاة قيام الليل وفوائدها من أعظم وأسمى الطاعات عند الله-سبحانه وتعالى- حيث تشهدها الملائكة وتعتبر سنة مؤكدة عن الرسول-صلى الله عليه وسلم- وتساعد الإنسان فى البعد عن المحرمات والقرب من الله عز وجل وتساعده على طاعة الله وأفضل الأعمال وتثبيت إيمانه.
لأن الوضوء يساعد فى إعطاء الوجه نور رباني يعمل على بشاشة وقبول الوجه، وتساعد صلاة قيام الليل على الشعور بالراحة النفسية والطمأنينة حيث يضحك له ربه وتنظر إليه الملائكة فما بالك بهذا الشعور الجميل الذى لا وصف له. فهى كنز لمن يدرك قيمتها العظيمة.
قال الله تعالى ﷽ :«يَٰٓأَيُّهَا ٱلۡمُزَّمِّلُ (1) قُمِ ٱلَّيۡلَ إِلَّا قَلِيلٗا (2) نِّصۡفَهُۥٓ أَوِ ٱنقُصۡ مِنۡهُ قَلِيلًا (3) أَوۡ زِدۡ عَلَيۡهِ وَرَتِّلِ ٱلۡقُرۡءَانَ تَرۡتِيلًا (4) إِنَّا سَنُلۡقِي عَلَيۡكَ قَوۡلٗا ثَقِيلًا (5) إِنَّ نَاشِئَةَ ٱلَّيۡلِ هِيَ أَشَدُّ وَطۡـٔٗا وَأَقۡوَمُ قِيلًا (6)»( المزمل: 1-6)
تعريف صلاة قيام الليل
– تعتبر كلمة قيام الليل لغوياً مصدر لكلمة قام بمعنى نهض ووقف أى قام الليل معناها صلى.
قيام الليل : هى عبارة عن الصلاة تطوعي لأنها سنة مؤكدة وذكر الله فى الليل وتعتبر من ضمن النوافل الذى تصلى بعد صلاة العشاء وقبل النوم. ولا يشترط ان يكون قيام الليل طوال الليل ويصح إذا كان ساعة او ساعتين من الليل منشغل فيها الفرد بطاعة الله والصلاة والذكر، وقراءة القرأن، أو التسبيح، أو الاستمتاع إلى أحاديث، أو الدعاء. يعتبر كل هذا ضمن قيام الليل.
الوقت المناسب لصلاة قيام الليل وعدد الركعات القيام
– لصلاة قيام الليل وقت معين يبدأ من بعد الإنتهاء من صلاة العشاء ويستمر حتى بداية طلوع الفجر، ويعتبر أفضل وقت لصلاة قيام الليل طول هذه الفترة هو الثلث الأخير من الفجر وهذا لان الله- عز وجل- ينزل للسماء كما ذكر فى الحديث الشريف « إذا مضى شطر الليل، أو ثلثا، ينزل الله تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا، فيقول: هل من سائل يعطى؟ هل من داع يستجاب له؟ هل من مستغفر يغفر له؟ حتى ينفجر الصبح»
إن الله سبحانه وتعالى جميلا بحب الجمال رؤوف بعباده حيث يعطينا الأجر والثواب من أسهل وأبسط الأشياء الطيبة فسوف تنال الأجر بإذن الله بسبب الصلاة فى أى وقت طوال فترة القيام.
– بالنسبة لعدد ركات صلاة قيام الليل فليس لها عدد محدد فيصلي المسلم العدد الذى يستطيع أو يقدر عليه كما يشاء من عدد الركعات مثنى مثنى، والأفضل للمسلم أن يفعل كما فعل رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم أن يصلى إحدى عشر ركعة مع الوتر. هذا ما ذكرته السيدة عائشة عن الرسول صلى الله عليه وسلم.
صلاة قيام الليل وفوائدها التى تعود على الإنسان
– ذكر العلماء عدة فوائد لصلاة قيام الليل ومنها:
1- تعتبر صلاة قيام الليل من أعظم وأهم العبادات التى ترفع درجات المؤمن فى الجنة إن شاء الله وتعتبر من ضمن أسباب دخول المؤمن الجنة.
2- كان النبى عليه افضل الصلاة والسلام يهتم بصلاة قيام الليل اهتمام كبير حتى تفطرت قدماه، وكان يجتهد بطريقة عظيمة فى قيام الليل ابتغاء مرضاة الله.
3- اللذين يحافظون على قيام الليل يستحقون رحمة الله الواسعة ونعيم جناته، حيث خصهم الله ووصفهم بوصف الأبرار ويعتبر هذا مدح من الله لهم.
4- تعتبر صلاة قيام الليل من أفضل الصلوات بعد صلاة الفريضة.
5- من أهم فوائد صلاة قيام الليل تعتبر كفارة السيئات و الآثام، وهى شرف للمؤمنين وخير للإنسان من الدنيا وكل ما فيها.
كيف أصلى صلاة قيام الليل؟
– صلاة قيام الليل تقام مثنى مثنى أى ركعتين بعد ركعتين.
1- من الأفضل أن تبدأ قيام الليل بصلاة ركعتين خفيفتين، ثم ركعتين ركعتين كما أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الحديث الشريف ( صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا رأيت أن الصبح يدركه فأوتر بواحدة، فقيل لابن عمر: ما مثنى مثنى؟ قال: أن تسلم فى كل ركعتين).
– حيث تصلى القيام ركعتين ركعتين، أو اربعا أربعا مثل صلاة الظهر، ولكن الأفضل ركعتين ركعتين مثلما قام به رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم. صلاة القيام تختلف عن باقى الصلوات فى إنها تبدأ تكبيرة الإحرام، ومن ثم دعاء بدعاء الاستفتاء، ثم قراءة سورة الفاتحة، ثم ركوع و سجود، ثم نختم قيام الليل بركعة وتر.
2- قيام الليل عن طريق الذكر وذكر الله سبحانه وتعالى له طرق كثيرة ومتنوعة مثل ( قراءة القرءان،و التسبيح و التحميد، والصلاة على رسول الله، وذكر أحاديث) ومن قام بذلك يؤجر على هذا ويحسب من الذاكرين. ذكر عن أبى مسعود قوله:( من قرأ خاتمة البقرة أجزأت عنه قيام ليلة).
فضائل قيام الليل
– كلما زادت تعلق المسلم بربه وإيمانه به كلما زاد على طاعة الله عز وجل و إقباله الشديد على الوقوف بين يديه لان الصلاة بمثابة الوصل بين العبد وربه وحبه فى عبادة الله ولهذا جعل الله علينا الصلوات الخمس فريضة على كل مسلم ومسلمة وزاد صلاة التطوع لمن اراد التقرب الدائم من الله عز وجل وكسب الثواب والأجر فى الدنيا والأخرة. ومن فضل قيام الليل علينا ما يلى :
1- تعتبر الصلاة هى أفضل صلة وصل بين المؤمن وربه وقيام الليل يدل على حب وصدق المؤمن لله عز وجل فكلما زاد الحب زاد التقرب من الله يؤجر على هذا التقرب ويتميز بصفات أخلاقية مهذبة.
2- قيام الليل تساعد الأنسان من زيادة نشاطه طول اليوم وتشجيعه على قيام أعماله بطريقة كاملة وعلى أتم وجه، وتجعل ذهنه صافياً بعيد عن الضغوطات وكثرة التفكير فالأمر متروك لله عز وجل، يقول تعالى ( إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا).
3- اثبتت الدراسات العلمية والطبية أن دماغ الإنسان تفرز مادة كمسكن للجسم فى وقت السهر أكثر من الأوقات الأخرى على مدار اليوم لذلك يعتبر السهر الطبيعى غير مبالغ فيه يساعد الفرد على الشفاء من أمراض كثيرة، فما بالك وكان السهر فى طاعة الله عز وجل من صلاة وذكر و تهجد.
حكم الفقهاء فى صلاة قيام الليل
– اختلف حكم الفقهاء فى صلاة قيام الليل إلى أقوال ومنها :
1- كان رأى الفقهاء من المذاهب الشافعية و الحنيفية والإمام مالك والحنابلة إلى استحباب صلاة قيام الليل.
2- فريق أخر مثل الحسن البصرى وابن سيرين ذهب إلى وجوب صلاة قيام الليل ويعتبر هذا القول غير مقبول ولا عليه دليل.
أختلف الفقهاء فذهب فريق رأى وجوب صلاة قيام الليل معتمداً على ما رواه البيهقى فى الحديث الشريف ( ثلاث هن على فرائض ولكم تطوع: التهجد وهو قيام الليل، و الوتر، و الضحى) وذهب فريق أخر أنه سنة معتمد على قوله تعالى:« وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا» يعتبر هذا نص صريح وواضح فى عدم الوضوح.
3- بعد هذا الاختلاف فى الحكم على صلاة قيام الليل توصل الفريقين إلى كونه سنة على غيره من المسلمين، معتمدين على قول القحطانى فى شرح أصول الأحكام (وقيام الليل سنة مؤكدة بالكتاب والسنة وإجماع الأمة).