شخصيات إسلامية: يزيد بن أبي سفيان – الحلقة الأولى

شخصيات إسلامية: يزيد بن أبي سفيان – الحلقة الأولى
شخصيات إسلامية: يزيد بن أبي سفيان - الحلقة الأولى

يزيد بن أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤى بن غالب بن فهر والمكنى بقريش بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان وهو من نسل نبي الله إسماعيل عليه السلام القرشي الأموى والمكنى بأبي خالد رضي الله عنه صحابي من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم.

وهو يلتقي معه في الجد الثالث عبد مناف بن قصي بن كلاب ويعد من أبناء عمومته وهو ينتمي إلى بني أمية والتي كانت من عشائر قبيلة قريش الثرية وكان ينظر إليهم على أنهم من بين بطون قبيلة قريش الثلاث الأقوى والأكثر نفوذا في مجتمع مكة المكرمة قبل ظهور الإسلام وكانوا مسؤولين عن العلاقات السياسية بين قبيلة قريش وسائر قبائل الجزيرة العربية.

وكان منهم غير الصحابي يزيد بن أبي سفيان أبوه أبو سفيان صخر بن حرب وأولاده السيدة أم المؤمنين السيدة أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان رضي الله عنها زوجة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ومعاوية بن أبي سفيان والخليفة الراشد الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنهم جميعا وكان البطن الثاني بنو هاشم قوم النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأعمامه العباس وحمزة وأبى طالب وأبنائه علي وجعفر وعقيل

وكانوا مسؤولين عن السقاية والرفادة وخدمة الحجيج أما البطن الثالث فكان بنو مخزوم وكانوا مسؤولين عن إعداد وتجهيز قريش للحرب والقتال وكانت لهم أعنة الخيل والسلاح في قريش وكان أطفالهم يتدربون منذ الصغر على إستعمال الأسلحة بأنواعها المختلفة وإصابة الهدف وترويض الخيل.

وكان منهم أم المؤمنين السيدة أم سلمة هند بنت أبي أمية رضي الله عنها الزوجة السادسة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم وسيف الله المسلول عبقرى الحرب خالد بن الوليد بن المغيرة وأخواه الوليد وهشام وعكرمة بن أبي جهل أحد قادة جيوش الإسلام في حروب الردة وفتوحات الشام بعد إسلامه رضي الله عنهم جميعا وكان ميلاد يزيد بن أبي سفيان قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم بحوالي 16 عاما.

ونشأ في أسرة ثرية من أكبر عائلات مكة وإتصف منذ صغره بالشجاعة والحكمة وكان جده حرب بن أمية هو أول من كتب باللغة العربية وكان قائدا لجيوش بني كنانة ومنها قبيلة قريش في حرب الفجار ضد قبائل قيس عيلان وهي إحدى حروب العرب في الجاهلية ووقعت بين قبائل كنانة ومنها قريش وبين قبائل قيس عيلان ومنها هوازن وغطفان وسليم وثقيف وسميت بالفجار.

لما إستحل فيه هذان الحيان من المحارم بينهم في الأشهر الحرم ولما قطعوا فيه من الصلات والأرحام بينهما وكانت بدايتها بسبب خلافات بين أفراد من الحيين على بعض المعاملات التجارية بسوق عكاظ تحولت إلي خصومة وعداء وقتال إستمر قرابة 10 سنوات من عام 43 قبل الهجرة حتى عام 33 قبل الهجرة.

يزيد بن أبي سفيان قبل الإسلام 

وكان يزيد بن أبي سفيان أبوه أبو سفيان بن حرب قبل الإسلام قد أصبح أحد رجال وزعماء قريش الكبار وأحد ساداتها وكان سيدا على بني عبد شمس وكان يتصف بالمكر والدهاء والحلم أما أمه فهي الصحابية الجليلة أم الحكم زينب بنت نوفل بن خلف بن قوالة بن جذيمة بن علقمة بن فراس بن غنم بن ثعلبة بن مالك بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان الفراسية الكنانية.

وكانت قد أسلمت قبل الهجرة وعرفت بالنجابة والبأس الشديد وكانت من سادات كنانة وكان قومها بنو فراس أحد أشجع وأنجد أحياء العرب حتى قيل إن الرجل منهم يعدل عشرة من غيرهم ولما بدأت الدعوة للإسلام في مكة كان أبو سفيان والد يزيد بن أبي سفيان من أشد أعداء الإسلام وممن كذبوا النبي صلى الله عليه وسلم.

يزيد بن أبي سفيان
يزيد بن أبي سفيان

أهم صفات الصحابي يزيد بن أبي سفيان 

وحذا يزيد بن أبي سفيان حذو أبيه هو وزوجة أبيه أم معاوية هند بنت عتبة بن ربيعة والتي كان أبوها وجيها من وجهاء مكة وكبيرا من كبرائها ومن حكماء قريش وشخصية بارزة عند ظهور الإسلام وكان يلقب بالعدل لأنه كان يعدل قريش كلها بالحلم والرأى السديد وكان هو أحد من أوقفوا حرب الفجار بحكمته ورأيه السديد والتوفيق بين الطرفين المتحاربين لكنه أيضا عادى الإسلام والنبي محمد صلى الله عليه وسلم ولم يستجب له بل حاول أن يصرفه عن الدعوة بشتى الطرق والمغريات دون جدوى .

إعراض يزيد بن أبي سفيان عن الإسلام وإسلامه يوم فتح مكة

وقد إستمر عداء يزيد بن أبي سفيان وأبيه أبي سفيان وزوجة أبيه هند بنت عتبة وأبيها عتبة بن ربيعة للإسلام ونبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم طوال فترة الدعوة في مكة المكرمة وإلى أن هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة.

وحتي يوم فتح مكة في شهر رمضان عام 8 هجرية حيث أسلم كل من يزيد بن أبي سفيان وأبوه أبو سفيان وأخوه من الأب معاوية وزوجة أبيه هند بنت عتبة وقد حسن إسلامه وأستخدمه النبي محمد صلى الله عليه وسلم على صدقات بني فراس من قبيلة كنانة وكانوا أخواله حيث كانت أمه كما أسلفنا من بني فراس وشهد  يزيد بن أبي سفيان مع النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين غزوة حنين في يوم 10 شوال عام 8 هجرية.

بعد فتح مكة بأيام قليلة ضد قبائل هوازن وثقيف وحلفاءهم والذين أجمعوا أمرهم على المسير لقتال المسلمين بعد فتح مكة قبل أن تتوطد دعائم نصرهم وتنتشر طلائع فتحهم وقررت تلك القبائل إعلان الحرب على المسلمين وقام قائدهم مالك بن عوف بجمع جنده من هوازن وإنضمت معه جنود من ثقيف ومن بني هلال وبني عمرو بن عامر وبني عوف بن عامر .

وبلغ تعداد جيشه أكثر من 25 ألف مقاتل وبالطبع فقد وصلت هذه الأنباء إلى النبي صلى الله عليه وسلم في مكة فإستعد وخطط جيدا للقاء المنتظر مع هوازن وقرر الخروج للقتال في مكان متوسط بين هوازن ومكة فقد آثر ألا ينتظر بمكة وفي ذلك حكمة كبيرة جدا لأنه لو بقي في مكة وغزاها مالك بن عوف بجيشه فقد يتعاون أهل مكة معه حيث كانوا آنذاك حديثو عهد بشرك وجاهلية.

ولو حدث ذلك فستكون هذه كارثة لأن الحرب بذلك ستصبح من الداخل والخارج ومن ثم فضل الرسول صلى الله عليه وسلم أن يخرج بجيشه إلى مكان مكشوف بعيد نسبيا عن مكة كما قرر أن يخرج بكامل طاقته العسكرية ويأخذ معه إثني عشر الف مقاتل وهم الذين فتح بهم مكة من قبل إضافة إلى المسلمين الطلقاء الذين أسلموا عند الفتح.

والذين كان منهم يزيد بن أبي سفيان وأبوه أبو سفيان وأخوه معاوية لأن أعداد هوازن كانت أكثر من ضعف هذا الرقم وقام وفي ذلك بعد نظر كبير أيضا من جانب الرسول محمد صلى الله عليه وسلم فهؤلاء إن تركوا في مكة قد يعودون إلى الكفر مرة أخرى وقد ينفصلون بمكة عن الدولة الإسلامية وخاصةً إذا تعرض المسلمون لهزيمة من هوازن وحلفائها .

إنتصار المسلمين في غزوة حنين

ومن ناحية أخرى لم يكتف الرسول صلى الله عليه وسلم بسلاح جيش المسلمين الذى فتح به مكة المكرمة مع كون هذا السلاح كان من الأسلحة الجيدة والقوية جدا بدليل إنبهار أبي سفيان به عند رؤيته لجيش المسلمين ومع ذلك لم يكتف به كما لم يكتف بالسلاح الذى كان لدى المسلمين من الطلقاء.

وإنما سعى إلى عقد صفقة عسكرية كبرى لتدعيم جيش المسلمين فقد ذهب بنفسه صلى الله عليه وسلم إلى تجار السلاح في مكة المكرمة وكان على رأس هؤلاء التجار صفوان بن أمية ونوفل بن الحارث بن عبد المطلب إبن عم النبي وكان هذان الإثنان لا يزالان على شركهما وقتئذ فطلب منهما السلاح على سبيل الإستعارة بالإيجار والضمان حتى إن صفوان بن أمية سأل الرسول صلى الله عليه وسلم.

وهو لم يزل على كفره أغصب يا محمد فقال لا بل عارية مضمونة أى إذا تلف هذا السلاح نضمنه لك وبعد إنتصار المسلمين وحصولهم على غنائم ضخمة حيث كان السبي ستة آلاف رأس والإبل أربعة وعشرون ألفا والغنم أكثر من أربعين ألف شاة وأربعة آلاف أوقية فضة قسم النبي الغنائم أخماس وخص كثير من حديثي العهد بالإسلام.

بل وغير المسلمين من سادات قريش بالكثير منه بهدف تأليف قلوبهم وجمعها على الدين القويم وهذا ضرب من ضروب السياسة الدينية الحكيمة حتى جعل الله من الصدقات قسما للمؤلفة قلوبهم فعلى سبيل المثال أعطى النبي صلى الله عليه وسلم أبو سفيان بن حرب وإبنه معاوية وإبنه يزيد بن أبي سفيان أربعين أوقية ذهب ومائة من الإبل.

فقال له أبو سفيان بأبي أنت وأمي لأنت كريم في السلم والحرب وكذلك حكيم بن حزام الذى طلب زيادة في نصيبه فقال له النبي صلى الله عليه وسلم يا حكيم إن هذا المال خضرة حلوة فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه كالذى يأكل ولا يشبع واليد العليا خير من اليد السفلى.

فكانت تلك الأموال آخر ما قبلها حكيم بن حزام في حياته وفضلا عن ذلك أعطى النبي صلى الله عليه وسلم عيينة بن حصن سيد قبيلة فزارة من غطفان مائة من الإبل وكذلك الأقرع بن حابس التميمي وكان من سادات قبيلة تميم والعباس بن مرداس السلمي وكان من سادات قبيلة سليم وصفوان بن أمية القرشي الذى منحه النبي صلى الله عليه وسلم ملء شعب نعما وشاء فقال صفوان ما طابت بمثل هذا نفس أحد.

وكان ذلك سببا في إسلامه وقد عاد ذلك بفائدة عظمى فإن كثيرين ممن أعطوا في هذا اليوم ولم يكونوا أشربوا في قلوبهم حب الإسلام صاروا بعد من أجلاء المسلمين وأعظمهم نفعا كصفوان بن أمية ويزيد بن أبي سفيان ومعاوية بن أبي سفيان والحارث بن هشام بن المغيرة وغيرهم وأما الأعراب فقد كانوا أكثر إلحاحا على النبي صلى الله عليه وسلم في طلب نصيبهم من الغنائم.

فقال لهم والله إن كان لي شجر تهامة نعما لقسمته عليكم ثم ما ألفيتموني بخيلا ولا جبانا ولا كذوبا بل وأكد لهم أن نصيبه وهو الخمس مردود للمسلمين لن يأخذ منه شيئا ودعاهم لعدم الغلول أى إختلاس شئ من الغنيمة فإنه يكون على أهله عارا وشنارا ونارا يوم القيامة ثم شرع يقسم فأصاب الرجل أربعة من الإبل وأربعون شاة والفارس ثلاثة أمثال ذلك .

يزيد بن أبي سفيان
يزيد بن أبي سفيان

حشد 4 جيوش لفتوح الشام وتولى يزيد بن أبي سفيان قيادة الجيش الأول

وبعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم في يوم الإثنين 12 من شهر ربيع الأول عام 11 هجرية وبعد أن تولى الصحابي الجليل أبو بكر الصديق رضي الله عنه الخلافة وبعد إنتهاء فتنة الردة في الجزيرة العربية والتي إستغرقت حتى أواخر عام 11 هجرية وقرر الخليفة أن يبدأ الفتوحات في بلاد العراق والشام قام بحشد عدد 4 جيوش وبعد أن إستكملت التجهيزات.

وتمت الإستعدادات اللازمة عين الخليفة أبو بكر قادة الجيوش الأربعة التي قرر أن يرسلها إلى الشام وهي الجيش الأول بقيادة يزيد بن أبي سفيان رضي الله عنه وأردف أبو بكر ربيعة بن الأسود بن عامر مددا له فأضحى عدد قواته سبعة آلاف مقاتل وحدد له طريق الزحف وهو وادى القرى تبوك الجابية دمشق وخرج الخليفة أبو بكر الصديق رضي الله عنه يمشي معه.

ويزيد بن أبي سفيان راكب في جنده فقال له يا خليفة رسول الله إما أن تركب وإما أن تأذن لي فأمشي معك فإني أكره أن أركب وأنت تمشي فقال أبو بكر ما أنا براكب وما أنت بنازل إني أحتسب خطاى هذه في سبيل الله وإنطلق هذا الجيش في يوم 23 رجب عام 12 هجرية الموافق يوم 3 أكتوبر عام 633م سالكا الطريق المحدد له.

والجيشُ الثاني بقيادة شرحبيل بن حسنة رضي الله عنه وهدفه بصرى عاصمة حوران بجنوب سوريا وتراوح عدده بين ثلاثة وأربعة آلاف مقاتل على أن يسلك طريق معان الكرك مأدبا البلقاء بصرى وخرج هذا الجيش من المدينة في يوم 27 رجب عام 12 هجرية الموافق 7 أكتوبر عام 633م والجيش الثالث بقيادة أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه.

وهدفه حمص وتراوح عدده بين ثلاثة وأربعة آلاف مقاتل على أن يسلك طريق وادى القرى الحجر ذات المنار زيراء مآب الجابية حمص وخرج إلى وجهته في يوم 7 شعبان عام 12 هجرية الموافق يوم 17 أكتوبر عام 633م والجيش الرابع بقيادة عمرو بن العاص رضي الله عنه وهدفه فلسطين وتراوح عدده بين ستة وسبعة آلاف مقاتل.

على أن يسلك طريق البحر الأحمر حتى العقبة فوادى القرى فالبحر الميت وصولا إلى بيت المقدس وخرج من المدينة المنورة في يوم 3 من شهر المحرم عام 13 هجرية الموافق يوم 10 مارس عام 634م وإنضم الصحابي عقبة بن عامر رضي الله عنه إلى هذا الجيش وقام الخليفة أبو بكر الصديق بإعداد جيش خامس بقيادة عكرمة بن أبي جهل رضي الله عنه.

وأبقاه في المدينة كقوة إحتياطية وبلغ عدده نحو ستة آلاف مقاتل وأوصى الخليفة أبو بكر الصديق رضي الله عنه قادة الجيوش الأربعة باللين مع الجنود وعدم تحميلهم ما يفوق طاقتهم للمحافظة على قدراتهم القتالية وأن يشاور كل منهم مرؤوسيه للوصول إلى القرارات السليمة وبأن يؤمنوا لهم العدل ويبعدون عنهم الشر والظلم في وقت السلم كي يلازموهم في وقت الحرب وعدم الفرار عند لقاء العدو.

لأن ذلك يغضب الله وعدم جواز قتل الأولاد والشيوخ والأطفال والنساء والعزل أو حرق الزرع وقطع الأشجار ونقض العهود والغدر وذلك لكسب قلوب سكان المناطق المفتوحة وعدم التعرض للبطاركة والرهبان والنساك والمتصوفون في الأديرة والصوامع والكنائس على أن يخير المشركون والنصارى الموالون للروم بين القتال أو الإسلام أو الجزية .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب وأي نسخ أو تعديل أو تضمين للمقال يتم من خلال الكاتب / أ. طارق بدراوي .

 

انتظرونا في الحلقات القادمة مع أحداث جديدة من حياة الصحابي الجليل يزيد بن أبي سفيان رضي الله عنه من سلسلة الشخصيات الإسلامية العظيمة، نتعرف معا عن قرب عليها ونلقي الضوء على جوانب حياتية ومعلومات قيمة لا يعرفها الكثيرون فتابعونا ،،

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Verified by MonsterInsights