سيدات قهرن حرارة الصيف وبرد الشتاء ونزلن للعمل بالشارع

سيدات قهرن حرارة الصيف وبرد الشتاء ونزلن للعمل بالشارع
بائعة الأنابيب

على مر التاريخ كانت المرأة المصرية نموذجًا للمثابرة والكفاح وتعتبر خير مثال للتضحية والمحافظة على أسرتها، وفي وقت الشدة يظهر معدنها الأصيل، فهي المرأة القادرة على مواجهة جميع الأزمات والصعاب بكل قوة وكأنها بـ “100 رجل”، كما يقول المثل الشهير.
في هذا التحقيق نستعرض نماذج حقيقية لسيدات مكافحات من مدينة الإسكندرية، ظروفهن الصعبة دفعتهن لاقتحام سوق العمل وعملن في مهن شاقة أو مهن مخصصة للرجال، من أجل توفير حياة كريمة لأسرهن.

أم كريم.. بائعة أنابيب

قالت “أم كريم” إنها تعمل في مهنة بيع الأنابيب منذ 50 عامًا، فقد ولدت في مصر الجديدة من عائلة ثرية، ولكنها تزوجت من رجل غير ميسور الحال، مما دفعها للعمل في تلك المهنة من أجل مساعدة زوجها.
وعن اختيارها لمهنة بيع الأنابيب، قالت: “اخترت تلك المهنة لأنني لم أجد غيرها، وتعتبر مهنة بيع الأنابيب صاحبة الفضل في تربية أبنائي، لذلك هي شرف لي وأفتخر أنني بائعة أنابيب، وزوجت أولادي من فضل تلك المهنة، ربما يكون دخلي بعد يوم عمل شاق في حدود 70 أو 80 جنيهًا وهو دخل ضعيف مقارنة بغلاء المعيشة ولكني راضية”.
أضافت أنها رفضت الزواج من أجل تربية أولادها وفضلت اقتحام سوق العمل، ورغم حبها لمهنتها رفضت تمامًا أن يعمل أولادها بها، وفضّلت أن يهتموا بدراستهم كي يحصلوا على شهادات مرموقة تساعدهم في بناء مستقبلهم.
وعن الصعوبات التي تواجهها في تلك المهنة الشاقة، أشارت إلى حمل الأنابيب على ظهرها، ولكنها بمرور الوقت اعتادت على عليها، على حد قولها، مضيفة: “ومن الصعوبات التي واجهتني أيضا في بدايتي في هذا المجال أن بعض العمال الذين يعملون معي في نفس المستودع كانوا يسرقون مني الأنابيب كي أترك المهنة، ولكن يأسوا مني بسبب إصراري على الاستمرار”.
تابعت: “أحب مهنتي جدا رغم أن البعض يراها مهنة مخصصة للرجال، ولكنها فتحت بيتي وربيت منها أبنائي، ولها الفضل في شهرتي، فقد ظهرت في حلقة تليفزيونية على قناة النهار من خلال برنامج (صبايا الخير) مع الإعلامية ريهام سعيد بسبب تلك المهنة، لذلك أفتخر بأنني بائعة أنابيب.
أضافت أنها تبنّت طفلًا وهو الآن في الثانوية العامة، وتعمل من أجل سداد مصاريفه الدراسية، وهدفها أن يدخل كلية الشرطة، ولكنه يفضل كلية الحقوق.
وعن أحلامها وأمنياتها قالت “أم كريم”: “أتمنى أن يكون معي توكتوك أو تروسيكل كي أنقل به الأنابيب بدلاً من العجلة، لأنها مرهقة في دفعها وأعمل في نهار رمضان وأنا صائمة”.
وعن المواقف الغريبة التي واجهتها في تلك المهنة قالت: “كنت بربط أنبوبة وصاحب الشقة حاول أن يعتدي علي ولكني دافعت عن نفسي وضربته بمفتاح الأنبوبة وهربت”.

أم مريم – سائقة تروسيكل الحاجة دفعتها للنزول للشارع

وقالت “أم مريم” إن انفصالها عن زوجها دفعها لاقتحام سوق العمل لتربية بناتها وتوفير حياة كريمة لهن، فعملت في بيع الخضار ثم في إحدى الحضانات، ثم توجهت للعمل في مجال توصيل الطلبات عن طريق “التروسيكل”.
تابعت: “أقوم ببيع الورقيات والمعلبات عن طريق التروسيكل ويعتبر هو مصدر رزقي الوحيد، كان ينصحني البعض بالزواج بدلاً من اقتحام سوق العمل، ولكنني لم أفكر في الزواج بعد انفصالي لأني أخاف من معاملة زوج الأم ولا أعرف كيف سيعامل زوجي بناتي”.

سيدات قهرن حرارة الصيف وبرد الشتاء ونزلن للعمل بالشارع
سائقة التروسيكل

وعن الصعوبات التي تواجهها في هذا المجال، أشارت إلى أن ارتفاع الأسعار من أكثر المعوقات التي تواجها، لأنه يضعف عملية البيع والشراء، فيحدث ركود على الطلبات، مضيفة: “ومن المشكلات التي أواجهها أنني أسكن بالإيجار وأتنقل من شقة لأخرى بسبب عدم قدرتي على سداد مبلغ الإيجار في ظل غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار”.
وعن أحلامها وطموحتها قالت “أم مريم”: “أمنيتي أن أمتلك سيارة أجرة (توناية)، كي أحسّن من دخلي، لأن عملي على التروسيكل غير مجزي عند ركود السوق، نظرًا لقلة الطلب، ولكن سيارة الأجرة من الممكن استغلالها في أبونية المدارس أو نقل الركاب”.
وعن نظرة المجتمع للسيدة العاملة في مهن الرجال، قالت: “لم أواجه مضايقات من أحد، بالعكس الكل يدعمني بداية من أهلي أو الزبائن. ومن وجهة نظري من الممكن أن تعمل السيدات في مهن الرجال من أجل توفير قوت يومهم بالحلال، وفي تلك الحالة ليس هناك فرق بين الرجال والنساء”.

أم يوسف.. بائعة جبن قريش

قالت ” أم يوسف ” بائعة جبن قريش في منطقة سيدي بشر بالإسكندرية، إنها اقتحمت سوق العمل بعد وفاة زوجها بسبب تراكم الديون ومن أجل توفير معيشة كريمة لأولادها، فلديها ابنة تبلغ من العمر 19 عامًا وولد (12 عامًا)، موضحة أنها بدأت مشروعها بـ 300 جنيه فقط كرأس مال.
تابعت: “أسكن بالإيجار، ومعاشي 450 جنيهًا وبعد غلاء المعيشة، لم يكن أمامي أي خيار آخر غير اقتحام سوق العمل وتوفير مصدر رزق لي وأولادي، وتسديد ديوني، وكي لا أحتاج إلى معونة من أحد وممدش إيدي لحد”.
وحول المعوقات التي تواجهها في تلك المهنة الصعبة، قالت “أم يوسف”: “أتعرض لمضايقات مستمرة، ولكني مضطرة أن أتحمل ذلك من أجل توفير قوت يومي”. وعن أغرب المواقف التي واجهتها أثناء العمل قالت: “هناك سيدة طلبت مني أن أحكي لها قصتي كي تساعدني، وأثناء حديثي معها سرقت مني سمن فلاحي وهربت”.

حياة.. بائعة حمص الشام نعانى من التنمر

قالت “حياة ” بائعة حمص شام في شواطئ الإسكندرية، إنها بدأت العمل في الشارع منذ 10 سنوات، واقتحمت سوق العمل كي تساعد زوجها المريض وتتكفل بمصاريف أولادها.
وعن الصعوبات التي تواجهها في تلك المهنة قالت: “أتعرض لمضايقات كثيرة أثناء عملي في الشارع ولكنني أتغاضى عنها عشان أكل عيش، وفي فصل الشتاء أقوم بوضع شمسية كي تظلني أنا وأطفالي من الشتاء، ومن المعوقات التي تواجهني أيضا هي الإزالات”.
وعن كيفية اقتحامها لسوق العمل، قالت: “في البداية رفض أهلي العمل في الشارع ولكنني أصريت على العمل كي أساعد زوجي المريض وأتكفل بمصاريف أولادي”.
وعن أمنياتها قالت حياة: “أتمنى العمل في أي مهنة أخرى حتى يكون لي وأولادي دخل ثابت شهريا، لأن بيع حمص الشام ليس له دخل ثابت في بعض الأوقات أعود للمنزل من غير ولا مليم وأوقات أخرى ربنا يرزقني ويجبرني، أتمنى أن يكون أولادي أفضل مني من حيث التعليم ومستوى المعيشة وألا يروا ما رأيته في حياتي”.

أم هدى.. مضطرة للصمود والاستمرار

وقالت “أم هدى”، التي خياطة بمنطقة الساعة، إنها تعمل في هذه المهنة منذ 50 عامًا، ولديها 6 أولاد متزوجين، قائلة: “كافحت في تربيتهم وتعليمهم”.
وعن اقتحامها لسوق العمل قالت: “في البداية كنت أقوم بتفصيل الملابس في المنزل ولكن بعد جائحة كورونا انعدم الطلب على الملابس المفصلة/ فتوجهت للعمل في الشارع”.
وعن الصعوبات التي تواجهها: قالت أم هدى: “من أهم الصعوبات التي تواجهني هي نظرة المجتمع للسيدة العاملة وخصوصًا إذا كانت تعمل في الشارع أمام الجميع، كان هناك فارق بين العمل في المنزل والعمل في الشارع لأن في الشارع أتعرض لبرودة الشتاء ومضايقات البعض ونظرات الشفقة، ورفض عائلتي فكرة عملي في الشارع بسبب خوفهم أن أتعرض لمثل تلك المضايقات”.
تابعت: “اضطررت أن أعمل كي أساعد زوجي المريض وتلك المهنة هي مصدر الدخل الوحيد بالنسبة لي ولزوجي، الحياة أصبحت صعبة وتزايد أعباء المعيشة يجبر السيدات على العمل من أجل توفير حياة كريمة لهم ولأسرهم، في بعض الأوقات ينتهي اليوم دون عمل ولا أملك حق المواصلات للعودة إلى المنزل، حلمي هو الستر ومعاش يساعدني على غلاء المعيشة إذا مرضت لا أضطر للنزول للعمل”.

سائقة ميكروباص: تعرضت لمضايقات كثيرة وتغلبت عليها

قالت “داليا محمد”، التي تعمل سائقة ميكروباص، إنها حصلت على ليسانس لغة عربية من جامعة الأزهر، ومتزوجة ولديها 3 أبناء، وقد حاولت العمل في مجال دراستها ولكنني يئست من البحث، فاقتحمت سوق العمل عن طريق العمل في أحد المطاعم ولكنها لم تستمر طويلًا، ثم اتجهت للعمل على سيارة أجرة ميكروباص.
وعن أسباب اقتحامها لسوق العمل قالت: “ظروف زوجي دفعتني للعمل في تلك المهنة، كنا لا نملك سكنًا أو مأوى وكنت لا أملك حتى ثمن علاج أولادي وتعليمهم، احتياجات الحياة كانت دافعًا لي”.سيدات قهرن حرارة الصيف وبرد الشتاء ونزلن للعمل بالشارع
وعن الصعوبات التي تواجهها في تلك المهنة الصعبة، قالت: “في البداية تعرضت للمضايقات من السائقين والركاب ولكني أتحمل من أجل أولادي، لا بد أن يسعى الإنسان للعمل في أي مجال بدلاً من أن يجلس ويطلب صدقة أو معونة من أحد، لأن أحساس الحوجة هو أصعب إحساس على الإنسان”.
وعن أحلامها وأمنياتها قالت داليا: “أتمنى تربية أولادي التربية الصالحة ولا أرجو إلا الستر وأن يرزقني الله رزقاً حلالاً، لا يمكنني ترك تلك المهنة لأنها مهنتي التي لا أستطيع تغييرها ولا ألتفت للمظاهر أو الشكل العام، البعض قد لا يتقبل فكرة أن سيدة تعمل كـ سائق علي ميكروباص ولكنها مهنتي التي أنفق منها على أولادي، وتلك المهنة شرف لي”.
تابعت: “من حسن حظي أني قد تشرفت بلقاء سيادة اللواء محمد الشريف، محافظ الإسكندرية، وقال لي (أنتي ست بمئة راجل) وأتوجه له بالشكر على الدعم النفسي والمعنوي”.

رانيا رشاد.. بائعة سمك

وقالت رانيا رشاد، أم لثلاث أطفال وتعمل بائعة سمك بسوق بحري بالإسكندرية: “أعمل في بيع الأسماك منذ 15 عامًا، كنت من قبل أعمل في مجال المعمار ثم عملت في محل جزارة ثم توجهت لبيع السمك”.
وعن أسباب اقتحامها لسوق العمل قالت: “توجهت للعمل في الشارع بسبب أعباء المعيشة وعندي 3 أولاد في المدارس، لا أمتلك مصدر رزق آخر، والبعض يشجعني من الزبائن ويقول لي أني ست جدعة لأني أكسب رزقي بالحلال”.
وعن الصعوبات التي تواجهها قالت: “في البداية كنت أعاني من نظرات الناس لكن مع مرور الوقت أيقنت أن نظرات البعض غير مهمة، الأهم أن أعمل في أي مهنة وأكسب قوت يومي بالحلال، كنت أتضايق من المعاكسات ولكني مع الوقت تعودت على مثل تلك السخافات”.

سيدات قهرن حرارة الصيف وبرد الشتاء ونزلن للعمل بالشارع
بائعة السمك

تابعت: “واجهت بعض الصعوبات في البداية بسبب سخونة الشواية خصوصا في فصل الصيف ومع ارتفاع درجات الحرارة ولكني مع الوقت تعودت على ذلك”.
أما عن نظرة المجتمع للمرأة العاملة في مجالات اعتدنا أن تكون ذكورية قالت: “مهنتي هي شرف لي، ولا فرق بين الرجل والسيدة الكل يحاول أن يكسب قوت يومه بالحلال، أهم شيء هو السعي والبحث عن الرزق، وسوق العمل ليس حكرًا على الرجال فقط”.

عزة محمد.. بائعة غزل بنات

قالت عزة محمد، بائعة غزل بنات متجولة في الإسكندرية، إنها من محافظة البحيرة، واتجهت للعمل في تلك المهنة منذ عام تقريبًا لمساعدة والدتها المريضة.
وعن كيفية اقتحامها سوق العمل قالت: تقابلت مع المهندسة آية عصام، وهي مهندسة وتعمل في بيع غزل البنات، وتعتبر هي أول من شجعها لاقتحام تلك المهنة، مضيفة: “عملت في أحد المطاعم الشهيرة من قبل ولكن المقابل المادي لم يكن كافيًا نظرًا لمرض والدتي ومصاريف علاجها، ففكرت في إنشاء مشروع شخصي وهو بيع غزل البنات في شوارع الإسكندرية، قد يكون مكسب البيع بسيط ولكن عندما يرى أحد الزبائن أنني سيدة تبيع غزل البنات قاصدة الرزق الحلال أحيانا يدفع الزبائن أكثر من ثمن العبوة، في البداية كنت أشعر أنها شفقة منهم وكنت أنهار من البكاء ولكن بعد ذلك أيقنت أنه رزق من الله”.
أضافت: “غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار هو ما دفعني للعمل في الشارع، أتعرض للتنمر والابتزاز أثناء عملي في الشارع ولكني مضطرة للصمود والاستمرار في عملي كي أوفر قوت يومي وأساعد أمي في مصاريف علاجها”.

سيدات قهرن حرارة الصيف وبرد الشتاء ونزلن للعمل بالشارع
بائعة غزل البنات

وعن الصعوبات التي تواجهها قالت: “أواجه مضايقات كثيرة ولكني أحاول بشتي الطرق أن أستمر في عملي بدون الالتفاف لمثل تلك السخافات”، مضيفة: “واجهت بعض الإحراج في البداية ولكني بعد ذلك تجرأت، وأتجول في شوارع الإسكندرية تحت المطر باحثة عن الرزق”.
ومن أغرب المواقف التي واجهتها أثناء عملها، قالت: “أحد الأشخاص تعرض لي ومنعني من البيع لأن تلك المنطقة تابعة له على حد قوله، وقال لي إن أردت أن أبيع في تلك المنطقة يجب أن أدفع له إتاوة”.
تابعت: “أنصح كل سيدة أو فتا تبحث عن مصدر رزق وتخشى اقتحام سوق العمل بسبب المضايقات، أن تتجرأ وتبحث عن رزقها ولا تخشي أحد لأن الله أمرنا أن نسعى لجلب الرزق وألا نمكث ننتظر العون من أحد، كوني قوية ولا تخشي المضايقات وابحثي عن مصدر دخل حلال”.

هبة أحمد.. بائعة ذرة

وقالت هبة أحمد، بائعة ذرة، عن كيفية اقتحامها سوق العمل: “توفي زوجي ولدي 4 أبناء ولا أمتلك أي مصدر رزق، ففضلت بيع الذرة على أنني أختار الطريق السهل وأبيع جسدي مقابل المال، اخترت أن أنفق على أولادي من باب رزق حلال”.
تابعت: “بعد وفاة زوجي لم يكن أمامي أي خيار آخر غير بيع الذرة فهي مهنة لا تحتاج إلى تعليم أو شهادات أو رأس مال كبير”.

سيدات قهرن حرارة الصيف وبرد الشتاء ونزلن للعمل بالشارع
بائعة الذرة

وعن الصعوبات التي تواجهها في تلك المهنة قالت: “دائمًا ما أتعرض لمعاكسات ومضايقات لأني ما زالت في سن الشباب ولكن من يتجاوز معي أقوم بصده فورًا كي لا يتمادى، والعمل في الشارع يحتم علينا أن نكون مثل الرجال، نترك الأنوثة في المنزل قبل خروجنا كي لا نكون لقمة طرية لمثل هؤلاء”.
وعن أحلامها وطموحاتها، قالت هبة: “أمنيتي أن أربي أبنائي التربية السليمة، أخشى عليهم من تلك الحياة القاسية ولا أرغب أن يكرروا نفس تجربتي المأساوية، نفسي يبقوا متعلمين ومعاهم شهادات تنفعهم في المستقبل وهذا ما أسعى إليه”.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Verified by MonsterInsights