اتفاقية عنتيبي!! هل أوقعت إثيوبيا نفسها في فخ قانوني يمنح مصر فرصة لزيادة حصتها من مياه النيل؟

اتفاقية عنتيبي!! هل أوقعت إثيوبيا نفسها في فخ قانوني يمنح مصر فرصة لزيادة حصتها من مياه النيل؟
اتفاقية عنتيبي!! هل أوقعت إثيوبيا نفسها في فخ قانوني يمنح مصر فرصة لزيادة حصتها من مياه النيل؟

دخلت اتفاقية الإطار التعاوني لحوض النيل، المعروفة بـ”اتفاقية عنتيبي“، حيز التنفيذ وسط جدل قانوني وسياسي كبير بين الدول المتشاطئة.

فبينما وقعت ست دول فقط على هذه الاتفاقية، رفضت مصر والسودان وبعض الدول الأخرى الانضمام إليها، معتبرة أنها تحتوي على ثغرات قانونية تمنح مصر فرصة لتعزيز حصتها من مياه النيل.

وفي هذا المقال، نستعرض تفاصيل هذه الاتفاقية، ونحلل الثغرات القانونية التي تضعفها وتفتح الباب أمام مصر لاستفادة أكبر.

العدد المحدود من الدول الموقعة: نقطة ضعف اتفاقية عنتيبي

على الرغم من الجهود التي بذلتها إثيوبيا وبعض الدول الأخرى لإدخال اتفاقية عنتيبي حيز التنفيذ، فإن الاتفاقية لم تحصل على التأييد اللازم من جميع الدول المتشاطئة لحوض النيل.

فقد وقعت عليها ست دول فقط من بين 11 دولة. وتضمنت قائمة الدول التي لم توقع عليها مصر والسودان والكونغو الديمقراطية وكينيا.

هذا النقص في التوقيع يثير تساؤلات حول شرعية الاتفاقية، إذ إن مبدأها الأساسي يعتمد على تأييد ثلثي الدول المتشاطئة، وهو ما لم يتحقق.

دول حوض النيل
دول حوض النيل

الثغرة القانونية: الانتفاع العادل والمعقول

أوضح الدكتور رشاد حامد، المستشار في منظمة اليونيسيف، أن الاتفاقية تستند إلى مبدأ “الانتفاع العادل والمعقول” من مياه النيل بين الدول المتشاطئة.

لكن هذا المبدأ، رغم اعترافه في القانون الدولي، يُعد من النقاط التي يمكن أن تستفيد منها مصر.

وفقًا لاتفاقيات الأمم المتحدة لعام 1997، والتي تُعد مرجعًا رئيسيًا في تنظيم استخدام المجاري المائية الدولية، فإن الدول يجب أن تأخذ في اعتبارها عوامل عدة عند توزيع المياه، مثل:

العوامل الجغرافية والمناخية: كل دولة تعتمد بشكل مختلف على النهر، ويجب مراعاة اختلاف التضاريس والمناخ.

الاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية: حجم السكان الذين يعتمدون على الموارد المائية لكل دولة.

التأثيرات المتبادلة: كيف يؤثر استخدام المياه في دولة معينة على الدول الأخرى المتشاطئة.

هذه المعايير تمنح مصر قوة قانونية للتفاوض على زيادة حصتها من مياه النيل، خاصة إذا تم إثبات أن دول المنبع مثل إثيوبيا تستخدم الموارد المائية بشكل يؤثر سلبًا على دول المصب.

مصر ترفض الاعتراف باتفاقية عنتيبي

موقف مصر من الاتفاقية كان واضحًا منذ البداية، حيث رفضت الاعتراف بها لأسباب عدة، من بينها نقص التأييد من باقي الدول المتشاطئة.

وتشير مصر إلى أن الاتفاقية غير ملزمة قانونيًا لأنها لم تحصل على موافقة ثلثي الدول، ما يعني أن تطبيقها يتعارض مع المبادئ الدولية المتعارف عليها.

ويرى الدكتور رشاد حامد أن “عدم توقيع ثلثي الدول ينزع عن الاتفاقية قوتها الإلزامية”، مما يعطي مصر موقفًا قويًا لعدم الانضمام.

ثغرة قانونية تجعل إثيوبيا والدول الموقعة على الاتفاقية قد تواجه تحديات قانونية في المستقبل
ثغرة قانونية تجعل إثيوبيا والدول الموقعة على الاتفاقية قد تواجه تحديات قانونية في المستقبل

الثغرات القانونية الأخرى: الإخطار المسبق وآلية اتخاذ القرار

يؤكد الباحث في الشأن الإفريقي، هاني إبراهيم، أن اتفاقية عنتيبي تعاني من ثغرات قانونية واضحة.

من أبرز هذه الثغرات عدم وجود آلية فعالة للإخطار المسبق بين الدول المتشاطئة في حالة تنفيذ مشاريع مائية قد تؤثر على تدفق المياه.

بالإضافة إلى ذلك، آلية التصويت بالأغلبية التي تعتمدها الاتفاقية تتعارض مع القواعد الدولية لإدارة الأحواض النهرية المشتركة، والتي عادة ما تفضل الإجماع أو الموافقة المشروطة لدول المصب مثل مصر والسودان.

هذا يعني أن إثيوبيا والدول الموقعة على الاتفاقية قد تواجه تحديات قانونية في المستقبل إذا حاولت تنفيذ مشاريع تؤثر على تدفق مياه النيل دون إشراك دول المصب بشكل كامل في القرار.

من الخطأ تفعيل اتفاقية عنتيبي ومصر والسودان ترفض تماما الإتفاقية
من الخطأ تفعيل اتفاقية عنتيبي ومصر والسودان ترفض تماما الإتفاقية

الخطأ القانوني في تفعيل اتفاقية عنتيبي

من أبرز المشكلات القانونية في اتفاقية عنتيبي أن المادة 43 منها تشترط توقيع 6 دول لتفعيل الاتفاقية عندما كان عدد الدول المتشاطئة 10 دول.

ولكن بعد نشوء دولة جنوب السودان، ارتفع العدد إلى 11 دولة، مما يعني أن النصاب القانوني لتفعيل الاتفاقية يجب أن يكون 7 دول على الأقل.

هذا الخطأ القانوني يعزز من موقف مصر والسودان الرافض للاتفاقية، وقد يكون أساسًا لتحدي شرعية الاتفاقية في المستقبل.

هل تنجح مصر في زيادة حصتها من مياه النيل؟

وفقًا لتحليل الدكتور رشاد حامد، فإن مبدأ “الانتفاع العادل والمعقول” الذي تستند إليه اتفاقية عنتيبي يمكن أن يكون لصالح مصر في نهاية المطاف.

فمع تزايد عدد السكان في مصر إلى ما يزيد عن 106 ملايين نسمة، وحاجتها الملحة للمياه، تستطيع مصر المطالبة بزيادة حصتها من مياه النيل إذا تم تطبيق هذا المبدأ بحذافيره.

أما إثيوبيا، التي تعتمد بشكل كبير على مياه الأنهار والموارد الجوفية، فقد تواجه ضغوطًا إذا ما تمكنت مصر من إثبات أن استخدامها الحالي لموارد النيل يؤثر سلبًا على دول المصب.

وتشير التقديرات إلى أن إثيوبيا تستفيد من حوالي 122 مليار متر مكعب من الأنهار، مقارنة بحصة مصر التي تبلغ 55.5 مليار متر مكعب فقط.

اتفاقية عنتيبي بين الشكوك والفرص

تبدو اتفاقية عنتيبي حاليًا في موقف ضعيف، نظرًا لعدم توقيع ثلثي الدول المتشاطئة عليها، والثغرات القانونية التي تشوبها.

من ناحية أخرى، توفر هذه الاتفاقية فرصة لمصر لتعزيز موقفها القانوني والتفاوضي بشأن حصتها من مياه النيل. ومع استمرار الجدل حول مستقبل الاتفاقية.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *