نتحدث في هذه المقالة عن السيدة أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان رضي الله عنها…هي أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر المكنى بقريش بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان بن نبي الله إسماعيل عليه السلام بن نبي الله إبراهيم عليه السلام الأموية القرشية، واحدة من الشخصيات الإسلامية المؤثرة وصحابية جليلة من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم كانت من السابقين إلى الإسلام ،
أم حبيبة رضي الله عنها نسبها وصلتها بالنبي
هي الزوجة العاشرة له حيث تزوجها بعد موت زوجها الأول إبن السيدة أميمة بنت عبد المطلب بن هاشم عمة النبي صلى الله عليه وسلم عبيد الله بن جحش بن رياب الأسدى ، والذى أنجبت منه إبنتهما حبيبة والتي أصبحت تكنى بها؛ وبزواجها من النبي صلى الله عليه وسلم صارت من أمهات المؤمنين رضي الله عنهن جميعا ، وكانت من أقرب زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم إليه نسبا فهي تلتقي معه في الجد الثالث عبد مناف بن قصي بن كلاب.
كانت من أبناء عمومة النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان أبوها أبو سفيان بن حرب من سادات قريش حيث كان سيدا على بني عبد شمس قبل الإسلام ، وبعد غزوة بدر ومقتل عتبة بن ربيعة وأبي جهل عمرو بن هشام ، صار سيداً وزعيماً لمكة المكرمة ، وظل هكذا حتى فتح مكة.
موقف أبي سفيان من دعوة الإسلام
ولما بدأت الدعوة صار من أشد أعداء ، الإسلام وكان قائداً للمشركين في غزوة بدر وأحد ، وقائداً للأحزاب في غزوة الخندق ، وهادن المسلمين في صلح الحديبية في شهر ذى القعدة عام 6 هجرية.
ثم أسلم يوم فتح مكة في شهر رمضان عام 8 هجرية ، ورفع النبي صلى الله عليه وسلم من شأنه فأمن كل من يدخل داره ، وولاه على نجران ثم خرج مع المسلمين في غزواتهم وفتوحاتهم فإشترك في غزوة حنين ، وفي حصار الطائف ثم شارك في فتوحات بلاد الشام.
وكان لأبي سفيان دور هام كلفه به الصحابي سيف الله المسلول خالد بن الوليد رضي الله عنه قائد المسلمين يوم معركة اليرموك ، والتي وقعت في شهر رجب عام 13 هجرية حيث كلفه خالد بالمرور بين صفوف الجند المسلمين ، وإثارة حماسهم وحميتهم وتذكيرهم بوعد الله وهو النصر أو الشهادة ، مما كان له أثر كبير في معنويات ونفسيات الجنود المسلمين يومذاك.
من هي أم السيدة أم حبيبة رملة وأخوتها؟
وأما أم السيدة أم حبيبة رضي الله عنها فهي السيدة صفية بنت أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب الأموية القرشية ، وهي الزوجة الأولى لأبي سفيان بن حرب ، وكانت من أثرياء وسادات قريش وهي تلتقي أيضا مع النبي صلى الله عليه وسلم في الجد الثالث عبد مناف بن قصي بن كلاب ، وهي عمة أمير المؤمنين الخليفة الراشد الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه.
وكان لأم حبيبة رضي الله عنها العديد من الأخوة والأخوات ، كان منهم حنظلة الذى قتل يوم بدر مشركاً ، وكان هو الإبن الأكبر لأبي سفيان ، وكان شقيقها من الأب والأم كما كان لأم حبيبة العديد من الأخوة والأخوات من عدة أمهات ، منهم الصحابي يزيد بن أبي سفيان رضي الله عنه والذى أسلم يوم الفتح وكان أحد قادة جيوش المسلمين الأربعة الذين أرسلهم الخليفة الراشد الأول أبو بكر الصديق لفتح بلاد الشام ، وتوفي في طاعون عمواس ببلاد الشام عام 18 هجرية .
وكان منهم أيضا الصحابي من كتاب الوحي ووالي الشام ثم الخليفة الأموى الأول معاوية بن أبي سفيان والذى أسلم قبل فتح مكة ، وقال عن ذلك لما كان عام الحديبية صدت قريش رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البيت ودافعوه بالراح ، وكتبوا بينهم القضية فوقع الإسلام في قلبي فذكرت ذلك لأمي هند بنت عتبة فقالت إياك أن تخالف أباك أو أن تقطع أمرا دونه فيقطع عنك القوت ، فكان أبي يومئذ غائبا في سوق حباشة فأسلمت وأخفيت إسلامي ، فوالله ما أن دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديبية حتى صدقت به ، وظللت أكتمه عن أبي سفيان ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة عام عمرة القضية وأنا مسلم مصدق به ، وعلم أبو سفيان بإسلامي فقال لي يوما إن أخاك يقصد يزيد خير منك فهو على ديني قلت لم آل نفسي خيرا ولما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة عام الفتح أظهرت إسلامي ولقيته فرحب بي ، وكان معاوية بعد ذلك مع شقيقه يزيد من قادة فتوحات الشام وخلفه بعد وفاته على ولاية دمشق في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه ثم صار في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه واليا على بلاد الشام كلها.
نشأة السيدة أم حبيبة وزواجها الأول
وكان ميلاد السيدة أم المؤمنين أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان في العام السابع عشر قبل البعثة، ونشأت نشأة بنات الأشراف من العرب في بيت أبيها سيد قومه على الترف والعز والرفاهية والتضلع في الأدب و حفظ الشعر والمأثور من القول والحكمة ولقد جمعت إلى رفعة النسب و الحسب الغنى الوافر والجمال الباهر؛ فكانت محط الأنظار ومجال الإفتخار ولما بلغت سن الزواج تقدم لها الكثير من أشراف قريش لكنها؛ تريثت في إختيار الزوج حتى لا تقع في محذور تكرهه مستقبلا، حتى جاءها عبيد الله بن جحش خاطبا وكان شابا مرموقا يتمتع بالوسامة والجاه العريض والحسب الرفيع بالإضافة إلى تضلعه في علوم الديانات وأصولها إذ كان ملازما لورقة بن نوفل الذى كان قاب قوسين أو أدنى من التنصر والذي كان من متحنفي الجاهلية راغبا عن عبادة الأصنام كارها لها مستخفا بأصحابها العاكفين عليها وتزوجت منه كما أسلفنا.
قصة إسلام السيدة أم حبيبة وهجرتها إلى الحبشة
ومع بداية الدعوة إلى الإسلام أسلمت هي وزوجها وأعلنت إسلامها مع معرفتها بعاقبة هذا الأمر عليها وسخط أبيها وما يجره ذلك عليها من متاعب وآلام ولما إشتد إيذاء المشركين للمسلمين في مكة المكرمة الذين لم يتركوا لونا من ألوان الأذى إلا وصبوه على المسلمين إستعرض النبي صلى الله عليه وسلم الجزيرة العربية ووجد أن هناك قوتين هما الروم والفرس أما بلاد الفرس فهي مستبعدة لأنها تعبد النار فبدأ ينظر صلى الله عليه وسلم إلى الروم وهم قوم أهل كتاب ولكن ليس كل صاحب كتاب ملتزم بكتابه .
ولذا فقد أذن النبي عليه الصلاة والسلام للمسلمين المستضعفين بالهجرة إلى بلاد الحبشة قائلا لهم إن بها ملكا لا يظلم عنده أحد وكان ممن هاجر آنذاك السيدة أم حبيبة مع زوجها عبيد الله بن جحش وكانت حاملا في إبنتهما حبيبة التي أصبحت تكنى بها كما أسلفنا وولدتها هناك وتحملت هذه الزوجة الكثير مما تحمله الصحابة من أجل إسلامهم فقد تحملت أذى قومها وتحملت هجر أهلها وترك وطنها وديارها وما كان ذلك كله إلا لتحيا حياة الإيمان والإسلام بعيداعن الشرك والعصيان وبعد أن إستقرت السيدة أم حبيبة في الحبشة آمنة مطمئنة فاجأتها محنة شديدة وعصيبة….
قد تمثلت هذه المحنة في ردة زوجها عن الإسلام وتنصره وهي محنة بكل المقاييس فالناس كانوا يدخلون في دين الله أفواجا حتى أن ملك الحبشة النجاشي نفسه أسلم وأسلم معه كبار البطارقة بينما تنصر زوج السيدة أم حبيبة رضي الله عنها.
محنة أم حبيبة في بلاد الحبشة
وهذا الأمر ترويه السيدة أم حبيبة بنفسها فتقول: رأيت في المنام كأن زوجي عبيد الله بن جحش بأسوأ صورة وأشوهها ففزعت فقلت في نفسي تغيرت والله حاله فلما أصبح الصباح دعاني وقال لي يا أم حبيبة إني نظرت في الدين قبل إسلامي فلم أر دينا خيرا من النصرانية وكنت قد دنت بها ثم أسلمت ودخلت في دين محمد ولكني الآن أرجع إلى النصرانية ففزعت من قوله وقلت والله ما هو خير لك وأخبرته بالرؤيا التي رأيته فيها فلم يحفل بها وعرض عليها ترك الإسلام والدخول في النصرانية فأبت، وبقيت متمسكة بدينها أما هو فقد ساء حاله وشرب الخمر وأدمنها حتى مات من شربها بعد أن سقط من فوق تبة عالية وهو سكران.
وتركها بمفردها هي وإبنتهما حبيبة في بلاد غريبة بعيدا عن أهلها فهل هناك محنة أقسى وأشد من هذه المحنة ومع موت زوجها إزداد هم وغم أم حبيبة رضي الله عنها فقد أصبحت أرملة ووحيدة ولا سند لها في بلاد الغربة من جهة ومن جهة أخرى فإن والدها أبا سفيان بن حرب زعيم مكة كان آنذاك من أشد أعداء الإسلام والمسلمين ولو فكرت بالعودة من بلاد الحبشة إلى مكة المكرمة سيكون مصيرها هي وإبنتها مجهولا هناك وقد يتم الضغط عليها لترك دينها إلا أن الله عز وجل واساها وكافأها على تمسكها بدينها وصبرها على محنتها بطريقة رائعة جدا فقد رأت رؤيا خير وأن أحدا يناديها قائلا يا أم المؤمنين فإستيقظتْ مذعورة وأولت الرؤيا بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم سيتزوج بها.
ونتوقف عند هذه النقطة في هذه الحلقة ونستكمل حديثنا عن أم المؤمنين أم حبيبة رملة بنت أبى سفيان بمشيئة الله تعالى في الحلقة الثانية ونتعرف على كيف تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم ولماذا تزوجها وما سبب تعدد زوجاته فإلي اللقاء.
لمتابعة هذا الحديث الشيق عن أم المؤمنين أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان، يمكنكم الآن الإنتقال الى الجزء الثاني والحلقة الثانية والتي تحمل الكثير من المعلومات القيمة عن هذه السيدة العظيمة، من خلال رابط :
شخصيات إسلامية: أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان (الحلقة الثانية)
جميع الحقوق محفوظة للكاتب وأي نسخ أو تعديل أو تضمين للمقال يتم من خلال الكاتب / أ. طارق بدراوي .
