لقد ورد عن ليلة النصف من شعبان الكثير من الأحاديث النبوية منها ماصحّحه العلماء وحسّنه ومنها ماضعّفه العلماء وإن أجازوا الأخذ بها في فضائل الأعمال،
فضل ليلة النصف من شعبان
إجمالاً نستطيع أن نقول أن لهذه الليلة العظيمة فضائل وليس هناك نص يمنع ذلك على الأقل انتمائها لشهر شعبان ذاته والذي أكد رسولنا صلى الله عليه وسلم أن له فضل عظيم
فكما روى النسائي عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم: لم أرك تصوم من شهر من الشهور ماتصوم من شعبان قال صلى الله الله عليه وسلم: ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلي رب العالمين، وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم”
احاديث نبوية عن ليلة النصف من شعبان
مما لاشك فيه أن هذه الليلة لها فضل عظيم ، وسوف نستعرض في هذه المقالة ما جاء في فضل ليلة النصف من شعبان .
١-روى ابن ماجة عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم قال: “إن الله ليطّلع في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن” صححه الألباني في السلسلة الصحيحة
٢-حديث رواه أحمد والطبراني “أن الله عز وجل ينزل إلى السماء الدنيا ليلة النصف من شعبان فيغفر لأكثر من شِعْر غنم بني كلب، وهي قبيلة فيها غنم كثير” وقال الترمذي إن البخاري ضعفه
٣-روى ابن ماجة في سننه بإسناد ضعيف عن عليّ رضي الله عنه_ عنه مرفوعا أي إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا يومها فإن الله ينزل فيها لغروب الشمس إلي السماء الدنيا فيقول: ألا من مستغفر فأغفر له؟ ألا من مسترزق فأرزقه؟ ألا من مبتلى فأعافيه؟ ألا كذا ألا كذا. . . حتى يطلع الفجر” رواه ابن ماجة
٤-روى البيهقي في شعب الإيمان عن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه_ أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: “إذا كان ليلة النصف من شعبان اطلع الله إلى خلقه فيغفر للمؤمنين ويملي للكافرين ويدع أهل الحقد بحقدهم حتى يدعوه” وهو حسن
ومما تقدم يتضح لنا أن هناك جدال حول فضل هذه الليلة بين حديث حسن وآخر ضعيف .
قصة تحويل القبلة في ليلة النصف من شعبان
إن تحويل القبلة كان قد تم مرتين في حياة الرسول صل الله عليه وسلم وفي كل مرة كان التحويل يتم لحكمة إلهية مختلفة .
في المرة الأولى عندما تحولت القبلة من الكعبة إلى المسجد الأقصى وكانت حكمة تربوية لتقوية إيمان المؤمنين وتطهير قلوبهم من آثار الجاهلية لقوله تعالى: “وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه”
فكانت ليتضح من يتبع الرسول اتباعا صادقا ومن مازال قلبه يتعلق بالجاهلية،
أما المرة الثانية من تحويل القبلة فكانت لحكمة تعبدية لتأكيد الرابطة الوثيقة بين المسجدين الأقصى والحرام وأن التوجه إلى المسجدين الأقصى والحرام وأن التوجه إلى الله تعالى لا يحتاج إلى قطع مسافات فهو القائل عز وجل: “وهو معكم أينما كنتم” .
كان المسلمون يتوجّهون في صلاتهم إلى بيت المقدس ؛ امتثالاً لأمر الله سبحانه وتعالى ، الذي أمر باستقبالها ، وجعلها قبلةً للصلاة ..وفي تلك الأثناء كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يمتثل الحكم الإلهي وفي قلبه يتمنى أن يتوجه في صلاته إلي الكعبة بدلاً من بيت المقدس ، ذلك لأنها قبلة أبيه إبراهيم عليه السلام وهو أولى الناس به ، وأوّل بيتٍ وضع للناس للناس ،
وما كان لرسول الله صل الله عليه وسلم أن يخالف أمر ربّه فكان يصلّي أمام الكعبة ولكن متّجها إلى الشمال ، كما يدلّ عليه الحديث الذي رواه ابن عباس رضي الله عنه حيث قال : ” كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يصلي وهو بمكة نحو بيت المقدس والكعبة بين يديه ” رواه أحمد .
وحينما أذن الله له بالهجرة ، ووصل المسلمون إلى المدينة ،لم ينس الرسول صلى الله عليه وسلم حبّه الأوّل للكعبة ، ويحزنه ألا يستطيع استقبال القبلتين جميعاً كما كان يفعل في مكّة ، وكان متحيراً بين أن يخفض رأسه خضوعاً لأمر ربّه وأن يرفعه أملاً في إجابة دعوته ، جاء ذلك في القرآن الكريم في وصف حيرة النبي – صلى الله عليه وسلم – بقوله : ” قد نرى تقلب وجهك في السماء “( البقرة : 144 ) .
وفي منتصف شعبان ، وبعد مرور ستة عشر شهراً من استقبال بيت المقدس ،جاء جبريل عليه السلام إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – بالبشارة بالتوجّه إلى جهة الكعبة في الصلاة،
قال تعالى :” فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره “( البقرة : 144 ) ..
وهكذا جاء تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام لتقر عين الرسول صلى الله عليه وسلم فقلبه معلق بمكة يزداد شوقا إليها لأنها أحب البلاد لقلبه حتى وان كان استقر به الأمر في المدينة المنورة أرضاه الله تعالى بأن جعل القبلة إلي البيت الحرام فكانت الإقامة في المدينة والتوجه إلى مكة في كل صلاة
وقد اختلفت ردود أفعال الناس تجاه هذا الحادث غير المألوف ، أما المؤمنين فلم يترددوا لحظة عن التحوّل طاعةً لله ورسوله كما قال تعالى :” وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله “( البقرة : 143 )
وأظهر بعض المسلمين القلق على من لم يكتب الله له شرف الصلاة إلى الكعبة ممن مات قبلهم ، وخافوا من حبوط أعمالهم ، وقالوا : يا رسول الله كيف بإخواننا الذين ماتوا وهم يصلون إلى بيت المقدس ، ؟ فأنزل الله { وما كان الله ليضيع إيمانكم }( البقرة : 143 )
وأما موقف اليهود من تحويل القبلة فقد عابوا على المسلمين ، وقابلوا ذلك بالسخرية ، واستغلّوا ذلك الحدث ، وقد حذّر الله سبحانه وتعالى المسلمين وأخبرهم بموقف اليهود قبل وقوعه فقال : ” سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم “( البقرة : 142 ) .
وهكذا تحقّق للمسلمين فضل التوجّه إلى القبلتين جميعاً ، واستطاعوا أن يجتازوا هذا الامتحان الإلهي ، وبذلك نالوا شهادة الله :” وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا”( البقرة : 143 ) وأصبحت الكعبة قبلةً للمسلمين إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
*ولقد ذكر بعض المؤرخين أن تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام كان في الخامس عشر من شعبان في السنة الثانية من الهجرة ويوافق نوڤمبر عام ٦٢٣م
_هل الأعمال ترفع في ليلة النصف من شعبان؟؟
قال الدكتور أبو اليزيد سلامة الباحث الشرعي بالأمانة العامة لهيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف: إن لم يؤكد حديث نبوي أن ترفع الأعمال إلى الله يكون في ليلة النصف من شعبان، وإنما الذي ورد أن الله تعالى يطلع علي خلقه في هذه الليلة فيغفر للجميع إلا لمشرك و مشاحن وإستدل في ذلك بحديث ابن ماجة السابق ذكره.
حكم قيام وصيام ليلة النصف من شعبان
إذا أراد المسلم أن يقوم في ليلة النصف من شعبان كما يقوم في غيرها من ليالي السنة دون زيادة أو إجتهاد فلا بأس بذلك
وكذلك إذا صام يوم الخامس عشر من شعبان على أنه من الأيام البيض(١٥،١٤،١٣) من الشهر العربي كسائر الشهور أو اذا وافق يوم الخامس عشر من شعبان يوم الاثنين أو الخميس فلا بأس من ذلك أيضا
والدعاء في هذه الليلة لم يرد فيه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلّم
ويتبين مما سبق أن ليلة النصف من شعبان لاتخصص بدعاء أو إجتهاد خاص في العبادة فهي كغيرها من الليالي لابأس فيها من قيام الليل وذكر الله تعالى
والله أعلم
فيكفي أن الله تعالى يطّلع فيها إلي المؤمنين ويغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن.
فيجب علينا أيها المسلمون أن نبادر بالعفو والصفح فيما بيننا حتى ننال فضل الله تعالى علينا بالمغفرة في تلك الليلة العظيمة وخيرنا من يبدأ بالسلام كما أوصانا الحبيب محمد صل الله عليه وسلم
ربنا يباركلك معلومات مفيده كنت أفتقدها بصراحه واسلوبك مفهوم ومبسط جدا ما شاء الله
ربنا يبارك فيكي ويحفظك
وجزاكم الله خيرا