فضل الأشهر الحُرُم في الإسلام

فضل الأشهر الحُرُم في الإسلام
فضل الأشهر الحُرُم في الإسلام

نعيش تلك الأيام في رحاب مباركة من شهر رجب، وهو إحدى الأشهر الحُرُم التي ذكرها الله عز وجل في محكم آياته، كم عدد الأشهر الحرم؟ ولماذا سميت بهذا الاسم ؟ ومافضل الأشهر الحُرُم؟ وماهي أحب الأعمال في الأشهر الحُرُم؟ وما المعصية التي نهانا الله عز وجل عن فعلها في الأشهر الحُرُم؟ كل هذه التساؤلات وأكثر… تدور في أذهان كثير من المسلمين سوف نحاول أن نجيب عنها بشكل مختصر من خلال هذه المقالة عبر موقع الحكاية نوضح لكم فضل الأشهر الحُرُم في الإسلام و عدد تلك الأشهر كما وردت في القرآن الكريم والتي تعظم فيها الطاعات كما تعظم فيها المعاصي والذنوب،ونلقي الضوء على مكانتها في الإسلام، أيضاً نتحدث عن أحب الأعمال فيها ومحظوراتها، وكذلك نبين لكم من هو أول من وضع التقويم الهجريّ وأقره في الإسلام.

كم عدد الأشهر الحُرُم؟ ولما سميت بذلك؟

الأشهر الحُرُم هي أشهر حرَّم الله عز وجل فيها القتال وأمرنا فيها بضبط النفس وكبح جماحها وتهذيبها على الإلتزام بما أمر الله تعالى وإجتناب نواهيه.

يبلغ عدد أشهر العام الهجري إثنى عشر شهراً إختص الله تعالى منها أربعة أشهر بالذكر في القرآن الكريم وهي الأشهر الحرم حيث قال تعالى في محكم آياته:

{إنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ إثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاواتِ وَالْأَرْض مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافّةً وَاعْلَمُوا أَنّ اللَّهَ مَعَ الْمُتقّينَ} “سورة التوبة – الآية رقم 36”.

وبذلك فإن عدد الأشهر الحرم يبلغ 4 أشهر وهي كالتالي:

1-شهر المُحرَّم.

2-شهر رجب.

3-شهر ذو القعدة.

4-شهر ذو الحجة.

 

فضل الأشهر الحُرُم
كم عدد الأشهر الحُرُم ؟

الأشهر الحُرُم في السُنَّة المشرفة

ورد عن أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أنه قد علمنا الأشهر الحُرُم؛ فعن أبي بكر رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ” إن الزمان قد إستدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض السنة إثنا عشر شهرا منها أربعة حرم ثلاث متواليات ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب مُضَر الذي بين جُمادى وشعبان” رواه الإمام البخاري.

أسباب تسمية كل شهر من الأشهر الحُرُم

يأتي ذكر الأشهر الحُرُم كما وردت في السنة النبوية المشرفة على الترتيب شهر المحرم ، ورجب، وذو القعدة ، وذو الحجة ، وإليكم تفصيلاً لسبب تسمية كل شهر منها…

أولاً _ شهر المحرم:

يأتي ترتيب المحرم الشهر الأول من أشهر العام الهجري ، وسمي بذلك الاسم لأن العرب في الجاهلية كانوا لايقاتلون فيه، ولشهر المحرم فضل عظيم ليس فقط لأنه من الأشهر الحرم التي خصها الله تعالى بالذكر في محكم آياته ؛ وإنما لإشتماله على يوم عاشوراء والذي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم صوم عاشوراء يكفر السنة الماضية.

وقال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم” رواه الإمام مسلم.

 

فضل شهر المحرم
فضل شهر الله المحرم

ثانياً _ شهر رجب:

يأتي ترتيب شهر رجب في السنة الهجرية الشهر السابع، وليس لشهر رجب مايميزه عن سائر الشهور بالعبادات والطاعات فلن يختصه الله بصيام أو قيام أو صدقة ولكنه من الأشهر الحرم التي تعظم فيه الطاعات كما تعظم فيه الذنوب والمعاصي.

الأصل في كلمة رجب من لفظ “الرجوب” أي التعظيم، ويقال (رَجَبَ الرجل الأسد) أي هابه وعظّمه وخافه.

وكان العرب قبل الإسلام يطلقون على رجب “مُضَر” نسبة إلى قبيلة مضر التي كانت تبالغ في تعظيم شهر رجب وكانت لاتغير شهر رجب بحسب حالة الحرب كما كانت تفعل باقي القبائل فيما عرف بالنسيئ، بل كانت توقعه في وقته، فنسب إليهم وقيل “رجب مضر” فكأنها أختصت بهذا الشهر.

ولقد ورد لشهر رجب العديد من الأسماء نذكر منها…

سمي “رجب الفرد” لوقوعه منفرداً بعيداً عن الأشهر الحرم المتتالية ذو القعدة وذو الحجة والمحرم.

كما سمي “رجب الأصمّ” لأن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يصُّمون ألسنتهم، وأسماعهم، وأيديهم عن إرتكاب المعاصي.

كذلك سمي “رجب الأصبّ” لأن الرحمات والبركات تصب فيه صباّ.

أيضاً سمي رجب بـ”مُنصّل الأسنّة” أي مخرجها من أماكنها حيث كان العرب في الجاهلية إذا دخل شهر رجب لم يدعو رمحاً ولا سهماً فيه حديدة إلا نزعوا منه الأسنة وألقوه إبطالاً للقتال فيه وقطعاً لأسباب الفتن، لما كانوا يعظمونه عن سائر الأشهر.

ولاننسى لما لشهر رجب من مكانة خاصة لإشتماله على الحدث الجليل وهو معجزة الإسراء والمعراج، حيث ذهب معظم علماء الإسلام إلى أن ليلة الإسراء والمعراج وقعت في يوم ٢٧ من رجب.


ثالثاً _ شهر ذو القعدة:

هو الشهر الحادي عشر من العام الهجري، سمي بذلك الاسم لقعود العرب في رحالهم عن الغزو والترحال وطلب الكلأ فكان شهر يتسم بالهدوء والإستقرار في شبه الجزيرة العربية ويخلو من القوافل والترحال، وكان العرب فيه يلزمون منازلهم.


رابعاً _ شهر ذو الحجة:

هو آخر شهور السنة الهجرية، وفيه أعظم مواسم الطاعات حيث يشهد موسم الحج، وسمي بذلك الاسم لأن العرب في الجاهلية كانوا يحجون فيه ويلفون حول الكعبة.

ولاشك أن الإسلام قد أفاض على شهر ذي الحجة بالمزيد من التشريف والتكريم والتعظيم ليس فقط لكونه من الأشهر الحرم ، بل لإشتماله على أيام مباركات وهي العشر الأوائل من ذي الحجة التي أقسم الله تعالى بعدها في القرآن الكريم حين قال: {والفجر وليال عشر…}، سورة الفجر الآية رقم- ١ فهي خير أيام المسلمين يتنزل  الله بها على عباده الصالحين بالرحمات والنفحات وغفران الذلات والسيئات، وهي أيام محددة أمرنا الله تعالى بها بالذكر حيث قال عزوجل: {واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى واتقوا الله واعلموا أنكم إليه تحشرون} سورة البقرة – الآية ٢٠٣ وهي أيام العشر الأوائل من ذي الحجة متضمنة أيام التشريق.

الأشهر الحُرُم
فضل الأشهر الحُرُم في الإسلام

محظورات الأشهر الحُرُم

إن من أجلّ المحرمات والآثام  التي يمكن أن يفعلها الإنسان في الأشهر الحرم هي الظلم…

ولقد شدد الله تعالى على النهي عن معصية الظلم خلال تلك الأشهر المعظمة، فقال تعالى في محكم آيات التنزيل:{فلا تظلموا فيهن أنفسكم }.

أمرنا الله تبارك وتعالى بعدم التعدي فيها على الناس بظلم سواء بالدماء أو الأموال أو الأعراض.

قال ابن قتادة: إن الظلم في الأشهر الحرم أعظم خطيئة ووزرا من الظلم فيما سواها من الأشهر، وإن كان الظلم في كل حال عظيماً؛ ولكن الله يعظم من أمره مايشاء، فعظموا ماعظم الله، إختصار لتفسير ابن كثير رحمه الله في تفسير سورة التوبة الآية ٣٦.

فالظلم في تلك الأشهر من المعاصي الكبيرة التي يوقع الإنسان نفسه في شراكها، ولقد ذكر الله تعالى أن الإنسان “لظلوم جهول” أي أن الإنسان بفطرته ظلوم لنفسه وعن جهل فقد يظلم نفسه دون وعي وإدراك.

ولقد نهانا الله تعالى أن نظلم أنفسنا أو أن نمارس الظلم على أي مخلوق، سواء كان شخصا أو حيوانا أو نباتا أو أي كائن حي، فالظلم هنا مشتملا جميع المخلوقات  وكافة أنواع الظلم، كأن يفعل الإنسان المحرمات، أو أن يبتعد عن فعل الطاعات والواجبات تجاه الخالق عزو جل، أو يظلم والديه أو يظلم زوجته أو أبنائه بقصد أو بدون قصد أو يظلم نفسه بتدمير صحته وإهدار ماله ووقته ، أو أن يظلم حيوانا بتعذيبه وحبسه ومنعه عن الطعام والشراب، أو يقطع شجرة أو يقتل كائن حي غير ضار، وغيرها من ألوان الظلم والبهتان العظيم.

فجميع ألوان الظلم نهانا عنها الله تبارك وتعالى خلال الأشهر الحُرُم لما لها من ذنب كبير يؤاخذ عليه الإنسان يوم القيامة.

كما أن الله تعالى قد ضاعف وعظم إثم إرتكاب المعاصي داخل البلد الحرام في تلك الأشهر حيث قال تعالى: {ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم } (سورة الحج- الآية رقم ٢٥) أي أن من يصر على إقتراف الظلم في تلك الأشهر لاسيما في أرض الله الحرام يذيقه الله تعالى أشد أنواع العذاب يوم القيامة لأنه قد تجبر في أرض الله الحرام؛ لذا نرى أن من الأمور التي قد تبدو لنا بسيطة في الحج وقت الإحرام ولكنها عند الله عظيمة هو أن يقطع المِحرم شجرة أو يقتل حمام في الحرم الشريف فلقد أوجب الإسلام على من يتعمد فعل ذلك أن يستغفر الله ويتوب إليه، وأن يتصدق خيراً له، فلقد روي عن ابن عباس في ذلك أنه قال: في الشجرة الكبيرة بدنة، وفي الشجرة الصغيرة شاة، وفي الحشيش قيمته، وأن قتل الحمام إذا تعمد فيها شاة، والعصفور فيه قيمته. من مجموع فتاوى الإمام ابن الباز رحمه الله.

أحب الأعمال في الأشهر الحُرُم

لاشك أن لتلك الأشهر فضائل عديدة يكفيها شرفا ذكرها في محكم آيات التنزيل وإختصاصها عن غيرها من أشهر العام الهجري بعظم إقتراف المعاصي بها لاسيما معصية الظلم، كما أن لها فضائل أخرى فقد يستحب فيها فعل الطاعات والتقرب إلى الله عز وجل.

وعلى الرغم من عدم وجود دلائل من القرآن أو السنة تخص تلك الأشهر بأعمال محددة إلا أنه قد يستحب فعل الطاعات وترك المنكرات وبخاصة إقامة الصلاة على وقتها وتلاوة القرآن الكريم ، وملازمة الإستغفار ومداومة الذكر وكثرة الصدقات و صيام التطوع والنوافل كصيام يومي الإثنين والخميس وآداء العمرة وفريضة الحج وغيرها من الطاعات التي تبلغنا رضوان الله عز جل.

فضل الأشهر الحُرُم
أحب الأعمال في الأشهر الحُرُم

أضف إلى معلوماتك

أول من وضع التقويم الهجري هو الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حيث إتخذ من هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة في 12 ربيع أول الموافق 24 من سبتمبر 622 ميلادية، كمرجع لأول سنة في التقويم الهجري.

ويبلغ عدد أشهر السنة الهجرية إثنا عشر شهرا وهي بالترتيب على النحو التالي…

1.المحرم.  2.صفر.  3.ربيع أول.  4.ربيع آخر.  5.جمادى الأول.  6.جمادى الآخر.  7.رجب.  8.شعبان.  9.رمضان.  10.شوال.   11.ذو القعدة.  12.ذو الحجة.

نقلنا لكم تفصيلاً مبسطاً عن فضل الأشهر الحُرُم في الإسلام ، وعددها، وسبب تسميتها بذلك الاسم، أيضاً قدمنا لكم شرحاً مختصراً لأسباب تسمية كل شهر من الأشهر الحُرُم وهي المحرم، ورجب، وذو القعدة ،وذو الحجة، كما نقلنا لكم أحب الأعمال فيها، ومحظوراتها وأكبر المعاصي التي يجب إجتنابها في الأشهر الحُرُم وهي معصية الظلم، كما ألقينا نظرة سريعة على التقويم الهجري وأول من وضعه وأقره في الإسلام،وذكرنا عدد أشهر العام الهجري بمسمياتها.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *